اسم الکتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية المؤلف : عبد الرب نواب الدين الجزء : 1 صفحة : 363
الوجه الأتم بعد قوة شكيمته مكانته الإجتماعية ومقوماته الشخصية وفضائله ومناقبه، وقد وردت في القرآن العظيم إشارة إلى ذلك، قال تعالى في قصة نوح عليه السلام: {قَال يَاقَوْمِ ليْسَ بِي ضَلالةٌ وَلكِنِّي رَسُول مِنْ رَبِّ العَالمِينَ أُبَلغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لكُمْ وَأَعْلمُ مِنْ اللهِ مَا لا تَعْلمُونَ} (1)
فهو يثبت لنفسه العلم وينفيه عنهم ليدلل على أهليته ومكانته وأن عليهم أن يأخذوا عنه ويستفيدوا منه ويهتدوا بهديه فعنده ما ليس عندهم، والطريق السوي أن المفضول يأخذ من الفاضل أسباب الفضيلة ويتعلم مسالكها …
ولهذا المعنى تبعث الرسل في أشراف قومها ويكونون من أهل المدن لا من أهل البوادي لأن المدنية تضفي على أهلها معنى التحضر وهي مظنة العلوم والمعارف، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلنَا مِنْ قَبْلكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِليْهِمْ مِنْ أَهْل القُرَى أَفَلمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ وَلدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ للذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلونَ} (2)
قال الإمام القرطبي: قوله تعالى: {مِنْ أَهْل القُرَى} يريد المدائن ولم يبعث الله نبيا من أهل البادية لغلبة الجفاء والقسوة على أهل البدو ولأن أهل الأمصار أعقل وأحلم وأفضل وأعلم قال الحسن لم يبعث الله نبيا من أهل البادية قط ولا من النساء ولا من الجن. وقال قتادة: من أهل القرى أي من أهل الأمصار لأنهم أعلم وأحلم وقال العلماء من شرط الرسول أن يكون رجلا آدميا مدنيا
(1) سورة الأعراف: 61-62
(2) سورة يوسف: 109
اسم الکتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية المؤلف : عبد الرب نواب الدين الجزء : 1 صفحة : 363