اسم الکتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية المؤلف : عبد الرب نواب الدين الجزء : 1 صفحة : 349
الفلسفة الإغريقية واليونانية القديمة، حيث ترعرعت العلوم اللسانية وازدهرت إبان ظهور تلك الفلسفات ثم تبلورت قواعدها وتشكلت أسسها في غضون انبثاق الحضارة اليونانية حتى غدت علوما محددة المعالم واضحة القسمات. وهذا اتجاه نراه كثيرا في كتابات المؤرخين المعاصرين خاصة الذين يرون أن الخطابة والجدل وفنون التعبير والبيان الأخرى هي علوم فلسفية وأنها علوم عقلية راقية. فهذا رأي ليس يخلو من نظر، لأن ازدهار هذا اللون من صور التعبير كالخطابة والجدل في العصر اليوناني لا يعني بالضرورة أنها يونانية المنشأ أو فلسفية النّزعة.
والذي تسكن إليه النفس أن هذه العلوم البيانية قديمة قدم البشرية، عرفتها البشرية قبل الحضارة اليونانية بآلاف السنين، فمنذ أن خلق الله تعالى أبا البشر آدم عليه السلام علمه الأسماء كلها، قال تعالى: {وَعَلمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلى المَلائِكَةِ فَقَال أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} (1)
وخاطبه تبارك وتعالى وحاوره وأمره ونهاه كما في قوله تعالى {وَقُلنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالمِينَ} [2] وألهمه الله تعالى كلمات ليعرف الإنابة إلى الله والتوبة من الذنوب قال تعالى: {فَتَلقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلمَاتٍ فَتَابَ عَليْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [3] وكان لآدم
(1) سورة البقرة: 31 [2] سورة البقرة: 35 [3] سورة البقرة: 37
اسم الکتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية المؤلف : عبد الرب نواب الدين الجزء : 1 صفحة : 349