اسم الکتاب : بين الرشاد والتيه المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 58
أما بالنسبة للصنف المترحل عن مكان عمله، فالمشكلات تأتي على درجة الحاجة العاجلة: المأوى، العمل، الضمان الإجتماعي للعامل الذي لم يجد بعد عملا، الإطار الثقافي الذي ينبغي وضعه فيه ليستفيد من الإمكانيات الثقافية الموجودة في مكان العمل، أو الموجود في الوطن الأم في نطاق ما يسمى (التربية الشعبية).
بعد تعداد المشكلات الخاصة بكل صنف من الصنفين اللذين ذكرت، هناك المشكلة المشتركة بينهما، وإنها لمشكلة ملحة، والسؤال الذي نطرحه الآن يدلنا على درجة إلحاحها ... فهل تستطيع الجزائر أن تزهد وتضيع بالتالي سبع مئة آلف من آبنائها؟.
هذا السؤال ينتج عنه سؤال آخر، ماذا تبذل الجزائر كي تمسك في أحضانها هذا العدد من أبنائها ... ؟.
قد يتبين للقارئ هنا أننا لا نقدم حلولا، بل نطرح مشكلات نراها في منتهى الخطورة.
ولكي نعطيه فكرة عن تفصيل من تفاصيل القضية فليسمح لي أن أذكر ما سمعته من امرأة ... من أم جزائرية عام 1954.
لقد كانت المرأة هذه ترى، والأسى يفتت قلبها، أن أطفالها لا يجدون في المدرسة التي يترددون عليها في باريس، أية معلومات عن تاريخ بلادهم، ولا أي توجيه ثقافي يتلاءم مع عادات وتقاليد الوطن، ولا أي شيء يربطهم بمصيره، لقد كنت في تلك الفتر، قبل الثورة بقليل، مهتما بأمر يشغل بالي؛ ففي باريس كانت ولا تزال المشاريع ذات الطابع الإجتماعي والإنساني، وهي جديرة بأن تقدم على الفور بكل نزاهة الجواب الذي كانت الأم الجزائرية تنتظره مني إذا قصرنا سؤالها على مجرد تكوين أولادها مهما كانت الطريقة.
اسم الکتاب : بين الرشاد والتيه المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 58