اسم الکتاب : بين الرشاد والتيه المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 50
المشكلة تبدأ من نقطة الاستفهام هذه، فمن هذه النقطة بالذات تنشأ في الأذهان الالتباسات والشبهات.
وينبغي على الثورة لتفادي الإبهام، أن ترسم خطا واضحا حول موضوع التغيير حتى لا يبقى مجال للخلط.
أما إذا أسلمت الأمور إلى الغموض والضباب، فإن أي انحراف سيكون متوقعا، وسوف تظل الثورة معرضة لأن تترك مكانها- دون أن تعلم- لشبه ثورة، تستبدل بالكيف الكم، وبالتغيير الجذري الضروري شبه التغيير.
إن مجموعة من المظالم الاجتماعية تستطيع تخزين طاقة ثورية هائلة، ولكن إذا انفجرت هذه الطاقة، وهي تنفجر في ظرف استثنائي، فليس من المؤكد أن تمسك الثورة اتجاهها، وألا يطرأ فيها انحراف.
الإستمرار في الاتجاه إذن يقتضي شروطا.
وفي هذا المجال نرى في تعليق (نوفيل أوبسرفاتور) توضيحا لا مزيد عليه في الموضوع، إذ أن صاحبه (جان دانييل) احتج على (فرانسوا فو ييه) برأي، أدلى به (جيفارا) في حديث عن الثورة يقول فيه: ((إذا لم يعن بتغيير الإنسان فالثورة لا تعني إذن شيئا بالنسبة لي)).
فهذه كلمات في منتهى الوضوح، في منتهى الصفاء، وفي منتهى الدقة، إنها تضعنا في صلب القضية.
لقد علق (جان دانييل) على هذه الكلمة بأنه كان يشعر أثناء الحديث مع (جيفارا) وهو يقول هذه الكلمات ((بنفس تتخلله حدة دينية)).
ولقد كان (جان دانييل) محقا في تعليقه هذا.
اسم الکتاب : بين الرشاد والتيه المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 50