responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بيئات التربية الإسلامية المؤلف : عباس محجوب    الجزء : 1  صفحة : 110
رسول الله خيمة في المسجد ليعودوه من قريب"[1] ومن المسجد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يدبرون شؤون الأمة والدولة والدعوة ويرسلون السفراء ويجهزون الجيوش ويضعون الاستراتيجيات ويخططون ويمارسون نظام الشورى وإذا جدّ أمر واستدعى قرارا سريعا ورأيا قاطعا نودي (الصلاة جامعة) فيجتمع الناس ويتشاورون، وفيها ينتخب العمال ويرسلون ويحاسبون وتوزع فيها أموال الزكاة والصدقات ويعقد فيها النكاح فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه الدفوف" [2] ومنه تعطى الشهادة بالنجاح مع الله للمسلم إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" [3] وبالتردد عليها يشهد للرجل بالإيمان فقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان "[4]، وهذا تأكيد لقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} .
إن المسجد يمكن أن يؤدي دوره الأول في حياة المسلمين وتربية أبنائهم وتوجيههم في النواحي الروحية والأخلاقية والاجتماعية حيث يتعلم فيها ويستمع إلى الموعظة النافعة ويخطط فيها لرعاية الشباب وممارسة نشاطاته ويتعلم فيها النواحي الدينية وما يتعلق بمناهج الحياة وأمور التشريع، إن المسجد يمكنه ممارسة مهامه الأولى في التربية إذا كان للحاكم مكان فيه وإذا كان التخطيط للأمة المسلمة في ربوعه وإذا جعل المسجد مكانا لمناقشة الدراسات التي تقدمها اللجان المتخصصة في السياسة والتعليم والتربية والمال والشئون البلدية وما إليها.
إننا نلحظ الآن لدى المسلمين اتجاهات إلى تحقيق رسالة المسجد الأولى ببناء المساجد والمدارس وقاعات المحاضرات والندوات والمستشفيات في مبنى واحد حتى يمكن للمسلمين أن يقضوا أمورهم كلها في ذلك المبنى، كما أننا نجد في كثير من البلاد اتجاه الشباب إلى جعل المسجد منارة للعلم ومكانا للمحاضرات ومجلسا شوريا للحي الواحد، وهذا يقضى أن يكون من يتولون الأمر على درجة من العلم والمعرفة بشؤون الدين والدنيا وأن يكون الخطباء في مستوى الإسلام وتعاليمه ومعارفه وفي مستوى الحياة ومشكلاتها وهمومها حتى يكون الخطيب إمام الناس حقا في أمور د ينهم ودنياهم.
إن المسجد عامل مهم من عوامل التربية وبناء الأفراد والأمم فيه يعلَّم النشء الحلال والحرام وأمور الدين والدنيا وأحوال المسلمين وتاريخهم وهمومهم ومشاكلهم وفيه تتحقق معاني التعاطف والمودة والرحمة والتعارف والتعاون وفيه يتدارس الناس القرآن وعلوم الدين وتصقل فيه المواهب وتقوى النواحي الروحية والجسمية والعقلية والوجدانية ففي كل خطوة إلى المسجد تحط خطيئة وتكتب حسنة فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة".

[1] رواه البخاري ومسلم.
[2] رواه الترمذي.
[3] رواه أبو داود والترمذي.
[4] رواه الترمذي.
اسم الکتاب : بيئات التربية الإسلامية المؤلف : عباس محجوب    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست