responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إلى الذين يحادون مفاتح الغيب باسم العلم الحديث المؤلف : عشماوي، عبد الفتاح بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 16
ختمها سبحانه بقوله: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} عذاب لم يدخل أبدا في حسابهم إلى أن بدا لهم؛ فالحصيلة العلمية لهذه المقدمة عن توضيح كلمة الغيب أن غيب الله في دنياه يجوز أن يظهر وفيما يظهر كفاية لمن يزجر، وغيب الآخرة كله مخبأ، يفاجأ به الناجي مجبورا، ويفاجأ به الغاوي محسورا {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} .
نعود إلى آية المفاتيح، لنأخذ منها صدرها ننير به صدورنا {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ} هذه العبارة الكريمة هي الفرا الذي فيه صيد المحاضرة، والذي نزلت عليه هذه العبارة - صلى الله عليه وسلم - هو الذي فسرها بنفسه، في حديثه الصحيح المشهور، لما فسرها بآية أخرى بقوله: "مفتاح الغيب خمسة، وقرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} . وقبل أن نتحدث عن كل مفتاح منها منفردا نتعرض لأمر سردها في الآية، هل هو مجرد حصر الخمسة المطلوبة ليعرف عددها ويعلم أمرها؟ أم أنها وضعت في أمكنتها بالترتيب الذي لابد أن توضع فيه؟ والأخيرة بالإعجاز البياني للقرآن أليق.
فالساعة أولى الخمسة لأنها متصلة بالآية التي قبلها في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً} .
وهذا اليوم الذي يجب أن تخشوه هو يوم الساعة؛ فكانت بعد الآية السابقة لتكون أول الآية اللاحقة في أفضلية الترتيب على الخمسة، وحيث هي أرفعها، فما وجدت الأربعة التالية إلا من أجل الساعة {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ} ، ولهذا أكد وحدها من دون الخمسة تعظيما لأمرها؛ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} والأربعة التي بعدها ترتيب زمني وضروري أن تسبقها التي قبلها لتأتي التي بعدها؛ فلا بد من الماء أولا لتكون الحياة، فإذا ما أنتجت الأرحام أن يحيى نتاجها، حيث أعد لها الماء والغذاء {فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً} ، فالصبر أولا لتشق الأرض فيعد من الطعام لمن يأتي من الأرحام، ومن هنا كان ترتيب الأرحام بعد الماء، بعد ذلك يأتي الغد ليعرف به اليوم فجاء الغد في ترتيبه، فإذا لم يأت الغد لمجيء الموت توقفت اليوم وانتهت الحياة؛ فكان الموت في آخر الخمسة.
فلنبدأ بأولاها وهي الساعة، وما أظن إلا اعتراضا جال بصدر أحدكم خاصة إذا كان متتبعا لحديثي هذا فسيقول على الفور: كيف تدخل الآن الساعة ضمن المفاتيح التي قلت إنه يمكن أن يفتح علينا منها في الدنيا، والساعة من غيب الآخرة، وغيب الآخرة لا يعلم إلا بعد الموت كما ذكرت؟
فأقول: إنه الخطأ الشائع الذي أرجو أن أصححه الآن، فالساعة من الدنيا وليست من الآخرة، وسأثبت أنها كذلك.
فسبب الالتباس الذي شاع بين الناس هو أنهم خلطوا بين الساعة والقيامة، وجعلوها شيئا واحدا، ولكن الفرق بعيد فالساعة ستأتي بغتة حقا لكن لتنتهي بها الدنيا، أما القيامة فمن الآخرة؛ ولهذا جعل الله نفختين: الأولى للساعة والثانية القيامة، وبينهما فاصل ليس فيه خلاف، {وَنُفِخَ فِي

اسم الکتاب : إلى الذين يحادون مفاتح الغيب باسم العلم الحديث المؤلف : عشماوي، عبد الفتاح بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست