اسم الکتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي المؤلف : البهي، محمد الجزء : 1 صفحة : 258
ويكمن كل تحديد "للواجب" -كما تكمن كل قيمة للعمل- في أن كل واحد في الجماعة -بالاشتراك مع "الكل"- يضع نفسه في خدمة النوع البشري العام، وخدمة الدولة الخاصة. وهذا هو غاية العقل في إدراكه وحريته، وغاية خلقية الإنسان في العمل والتصرف.
واتجاه تطور الإنسان -كما يراه "فيشته"- يسير نحو اندماج الجنس البشري كله في "جمهورية" للشعوب صاحبة المدنية، وفي عمل مشترك منظم تنظيما دقيقا يقصد لرفع قوة الإنسان فوق قوة الطبيعة، عن طريق علم الطبيعة والفن، كما يقصد لإخضاع الطبيعة كلها إخضاعا تاما تحت سلطان الفكرة والعقل.
والندء الأخير لهذه الفلسفة "الفيشتية" هو: أن كل صانعي الخير والمجد في الإنسانية، وكذا كل العظماء في تاريخهم عملوا من أجلي ... فواجبي أن أفهم رسالتهم، وأن أعمل على إثراء الجنس الأخوي وإسعاده، وعلى إتمام "المعبد" العظيم الذي اضطروا لتركه بدون إتمام.
وهنا ينتصر فيشته:
- للعقل: ويجعل غيره -وهو الطبيعة- تابعا له.
- وينتصر للحرية الفردية، وحرمات الفرد.
- ويجعل العمل من أجل الدولة، كإنتاج للإنسان، عملا يتسم بالخلقية والمدنية.
- وينتصر لقيادة الخاصة: وهم أصحاب العقل "الخالق"، ويجب أن يوضع بيدهم توجيه الجماهير والعامة، ويحدد رسالة هؤلاء الجماهير والعامة في أن يسيروا في ذات الطريق الذي عبده عظماؤهم، وإلى نفس الغاية التي قصدوا إليها في سيرهم.
ويرى أن تطور البشرية يجب أن يكون إلى الانصهار في جمهورية عامة، وهو عمل للعقل، صادر عن حرية في الفكر، وإرادة خلقية، ويوم تنصهر الشعوب في جمهورية واحدة يدل ذلك على أنها تمدنت بالفعل، وعلى أن العقل أدى رسالة عظيمة.
اسم الکتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي المؤلف : البهي، محمد الجزء : 1 صفحة : 258