ثالثا: العلماء هم أهل الحل والعقد في الأمة، وهم أولوا الأمر الذين تجب طاعتهم، كما قال غير واحد من السلف في تفسير قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء: 59،. قال مجاهد: هم أولوا العلم والفقه. [1] . وإذا كانوا هم أولوا الأمر فولايتهم للدعوة من باب أولى.
رابعا: العلماء هم المؤتمنون على مصالح الأمة العظمى، على دينها، وعلى دنياها وأمنها؛ ومن باب أولى أن يكونوا هم المؤتمنون على الدعوة وشئونها.
خامسا: العلماء هم أهل الشورى الذين ترجع إليهم الأمة في جميع شئونها ومصالحها. وإذا كانوا يستشارون في جميع مصالح الأمة- في دينها ودنياها- فمن باب أولى أن يكونوا هم أهل الشورى في الدعوة وقيادتها.
سادسا: العلماء هم أئمة الدين، والإمامة في الدين فضل عظيم، وشرف ومنزلة رفيعة، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} السجدة: 24،. والإمامة في الدين تقتضي بالضرورة الإمامة في الدعوة. وما الدين إلا بالدعوة، وما الدعوة إلا بالدين.. [1] أخرجه أبو خيثمة في (العلم) ، وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، بلفظ: «هم الفقهاء والعلماء» ، وله لفظ آخر: «أصحاب محمد، أهل العلم والفقه والدين» عزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر واشتهر هذا التفسير عن غير واحد من السلف. قال ابن عباس: (أهل العلم) أخرجه ابن عدي في «كامله» . وقال جابر بن عبد الله: (أولي الفقه وأهل الخير) أخرجه الحاكم وصححه. وقال أبو العالية: (هم أهل العلم) أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير، وزاد ابن كثير: عن عطاء والحسن البصري.