اسم الکتاب : العلم يدعو للإيمان المؤلف : كريسى موريسون الجزء : 1 صفحة : 9
وتلك الفطرة مركوزة في النفس البشرية تتحرى إلى اداء وظيفتها منذ تتفتح مشاعر المرء وتستيقظ مداركه، وعلى هذا الوجه من الفهم للفطرة أحب ان أفهم قوله تعالى: (وَإِذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنيِ آدَمَ مِن ظُهُورهِمْ ذُرّيتَهُمْ، وَأشْهَدَهُم عَلَى أنْفُسِهِم ألستُ بربِكُمْ قالوُا بَلى شَهدنَا.. أنْ تَقولُوا يَومَ القيامَةِ إنّا كنّا عَن هذَا غَافليِن) . وكيف يغفل المرء عن الله وفيه هذه الغريزة المتطلعة إلى الله المتشوقة إلى الوصول اليه.
والتعرف إلى الله عن طريق هذه الفطرة امر سهل ميسور لا يحتاج إلى علم غزير أو نظر فلسفي، وإنما تكفي فيه النظرة الخالصة في صفحات هذا الوجود، نظرة في الأرض أو السماء..في الليل أو في النهار.. في عالم الحياة أو الموت.. في النبتة الصغيرة أو الشجرة الباسقة.. نظرة واحد إلى أية صورة من صور هذا العالم وإلى أي لون من ألوانه ترىان العقل وشواهد ناطقة بقدرة الخالق العظيم، وتحمل إلى القلب شواهد ناطقة بقدرة الخالق العظيم، وتحمل إلى القلب فيضا من الإجلال والإكبار لهذا الصانع المبدع (الّذي خلَقَ سبْعَ سَموَاتٍ طِباقاً ما تَرى في خَلقِ الرّحمنِ منْ تَفاوتٍ فَارجعِ البَصرَ هلْ ترى مِنْ فُطورٍ، ثمّ ارجعِ البصَرَ كرّتينِ ينَقلبْ اليكَ البصرُ خاسِئاً وهوَ حَسيرُ) .
فاذا يبلغ البصر من هذا المحيط العظيم الذي لا تضمه قيود ولا حدود؟ اولى له ثم أولى ان يقف عند حده وأن يرضى من النظرة الأولى بما يتكشف له من عجائب وأسرار.
تلك هي طريقة الإسلام في معرض الهداية إلى الله والدعوة اليه.. انه يوقظ العقل اولا.. يوقظه في رفق ويسر حين يلفته إلى مظاهر الكون المحيط به، والواقعة تحت سمعه وبصره. يريده ان يلتفت اليها لفتة حالمة شاعرة، لا أن يغوص في أعماقها يطلب عللها وأسبابها ويلتمس عناصرها وأجزءها.
اسم الکتاب : العلم يدعو للإيمان المؤلف : كريسى موريسون الجزء : 1 صفحة : 9