اسم الکتاب : العلم يدعو للإيمان المؤلف : كريسى موريسون الجزء : 1 صفحة : 5
تصدير بقلم فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد حسن الباقوري
مدير جامعة الازهر
البحث عن الله والتعرف إلى الخالق امر شغلت به الإنسانية منذ كان لها وجود في هذا العالم حتى لكأنما يدفعها اليه شعور خفي دافق، ويسوقها نحوه سائق عنيف من فطرة كامنة فيها.
فالإنسان بفطرته طلعة لا يقنع من الحياة بمظاهر اشكالها وألوانها كما تنقلها اليه حواسه أو كما ينفعل بها شعوره، بل يتناولها بعقله، وينفذ اليها ببصرته ليعرف حقيقة كل شيء.. من اين جاء وكيف صار والام ينتهي. وهو في اشباع رغبته تلك لا يدخر وسعاً من ذكاء أو جهد حتى يبلغ من ذلك ما يطمئن اليه عقله وتستريح به نفسه.
وكذلك كان شان الإنسان في بحثه عن الله، الحقيقة الكبرى التي هي مصدر وجود هذا العالم واليها مصائر اموره.. فلقد أكثر من التطلع اليها والبحث عنها حتى تفرقت به السبل واختلفت فيها مذاهبه، إذ لا شك ان هذه النظرات المتطلعة إلى تلك الحقيقة الكبرى قد اخذت ولا تزال تاخذ صورا واشكالا متعددة متباينة، تختلف باختلاف الناس واستعدادهم الفكري وما يحيط بهم من ظروف الحياة واحوالها، فلكل وجهته التي هو موليها، ولكل مبلغه من العلم وحظه من التوفيق: فبينا يصل اليها بعضهم عن طريق النظر في ملكوت السموات والأرض على اختلاف في مجال هذا النظر عمقا وامتداداً، إذ يصل اليها بعضهم الاخرين عن طريق العاطفة المجردة عن الادراك، الواقعة تحت تاثير الوراثة أو السماع والتي لا تكاد تلامس الفكر أو تثيره. وبين هؤلاء وهؤلاء طوائف وطوائف تقطع الطريق إلى تلك الحقيقة في مراحل متعددة تخلط بين العاطفة والفكر بنسب واقدار متباينة.
ومن هنا نستطيع ان نقول ان لك إنسان تصورا خاصا لإلهه الذي يعبده والذي ينزل من نفسه المنزلة التي هداء اليها عقله أو قلبه، أحد هما أو كلاهما، وبالقدر الذي تكشف له من الحقيقة، وعلى الصورة التي تمثلت في خاطره. ولذا تعددت الآلهة وتفرقت بالناس مذاهب الرأي فيها، فكان لكل امة ربها، ولكل جماعة دينها (وَلَوْ شَاءَ رَبَّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفيِنَ إلا مَنْ رَحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)
اسم الکتاب : العلم يدعو للإيمان المؤلف : كريسى موريسون الجزء : 1 صفحة : 5