اسم الکتاب : الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 59
(رائحة) ولده يوسف من مصر إلى الشام حتى لكأنهما يتعانقان في مكان واحد، وقد حكى القرآن هذه "المعجزة" على لسان يعقوب عليه السلام: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف: 94]
إن هذه الريح (الرائحة) التي حملتها يد القدرة الإلهية فأمتعت بها مشاعر يعقوب لم يشعر بها مجالسوه في المكان نفسه، فنسبوه إلى التخريف قائلين:
{ ... تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: 95]
ولم يقف عطاء الله الإعجازي على يوسف وأبيه، بل كان لأم موسى - عليه السلام - منه نصيب.
ألم يقل لها أصدق القائلين مخبراً بوحيه إليها: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]
فقد أخبرها بأنه سيرده إليها، ويجعله رسولاً، وهذا غيب زماني كما ترى.
ثم وقع هذا الغيب بشقيه: الرد، والرسالة، كما أخبر الله أم موسى:
أما الرد فقال الله فيه:
{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ....} [القصص: 13]
وأما الرسالة، فقد قال الله فيها:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: 14]
أفليست هذه غيوباً أطلع الله عليها بعض رسله وأوليائه؟
وكذلك صنع الله - عز وجل - مع رسوله الكريم عيسى بن مريم عليه السلام،
اسم الکتاب : الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 59