اسم الکتاب : الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 43
الموضوع، فالقول بأن السنة لم تدون إلا في القرن الثالث خطأ متعمد، وشأن السنة شأن غيرها من العلوم الإسلامية والعربية من حيث النشأة، والتدوين، وهي بالقياس إلى غيرها نرى تدوينها بدأ مبكراً، وإن كان على نطاق ضيق في أول الأمر، ثم أتسع بمرور الأيام.
والقرآن نفسه، وهو اصل أصول الإسلام، لم يدون في صحف في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تم جمعه وتدوينه في مصاحف في خلافة أبي بكر، باشارة من عمر - رضي الله عنه -، وكان أبو بكر أولاً يمانع في جمعه ويقول لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما زال بأبي بكر حتى أقنعه بجمع القرآن خشية ضياع شيء منه بسبب استشهاد الحفاظ في الحروب.
ولما أرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت، وكان من كتبة الوحي في حياة النبي، قال زيد لأبي بكر ما قاله أبو بكر لعمر من قبل:
"كيف تفعلون شيئاً لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ومازال أبو بكر بزيد حتى أقنعه بجمع القرآن. ثن قال زيد: "والله لو كلفني - يعني أبا بكر - نقل جبل أحد، أو نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن. [ينظر صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن] .
فإذا كان هذا هو موقفهم من القرآن، وهو أصل الملة، فكيف يتخذ منكرو السنة من بطء تدوين السنة قدحاً في منزلة السنة نفسها؟ فهلا اتخذوا من عدم تدوين القرآن في صحف في حياة النبي، ومعارضة أبي بكر وزيد لجمعه وتدوينه وسيلة للحط من منزلة القرآن، وأنه ليس من الدين؟ فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً، لقد كانت الدولة الإسلامية في صدر الإسلام الأول في مرحلة النشأة والنمو، فكان لابد من أن تمر بتجارب تعمل فيها عقلها وفكرها، فمن مؤيد، ومن معارض، ولكن بعد تمحيص القول وظهور الصواب من الخطأ، فإن قادة الدولة ورجالها كانوا يُعرضون عن الخطأ ويولون وجوهم نحو الصواب بلا ارتذاد أو انتكاس.
اسم الکتاب : الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 43