ولهذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام يتخذون وسيلة الفطرة سلما إلى عقول الناس بالحق، فينبهون العقول بآيات الله في الكون والإنسان، كما يتضح ذلك من قصص الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم، كما مضى في محاجة إبراهيم لقومه، واستدلاله بتغيير المخلوقات على أنها لا تصلح أن تكون آلهة، بل إنها مخلوقة عابدة للخالق المعبود.
ولنقرأ هذه الآيات التي تجول بالعقول في ملكوت السماوات والأرض، وفي الإنسان، وفي الحيوان، وفي الماء، وفي الشجر والزرع، وفي الليل والنهار، وفي الجبال والبحار والأنهار....
فقد نزه الله تعالى نفسه عن الشرك الذي أصر عليه أعداؤه وأعداء رسله، وهو يخالف الفطرة، ثم أتبع ذلك بذكر وحيه الذي أنزله للدعوة إلى توحيده، وهو عين الفطرة، ثم أورد شواهد الفطرة وحقائقها الدالة على حقيقة التوحيد ونفي الشرك، وكأن القارئ أو السامع يرى الكون كله، في مظاهرة حاشدة، كلها يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن الوحي حق وأن كل ما يخالف ذلك باطل.