responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخطابة الإسلامية المؤلف : عبد العاطي محمد شلبي    الجزء : 1  صفحة : 37
بها، ولا تكاد تلحظها؛ لأنها الحلية التي تليق بالإنسان العظيم، فالجمل متساوية، والمقابلة فيها متعددة، ولكنها غير مصنوعة ولا متعمدة، وفيها السجع والازدواج اقتضاهما المقام، فازدان بهما الكلام، ثم هو يتكئ في استمالتهم إلى أسباب من المودة والثقة، قامت من قبل بينه وبينهم، وألوان من التحبب العاطفي أثرت عنه، يفتح بها مغاليق قلوبهم.
فهذه الصفات الكلامية ليست إلا للملامح البارزة في شخصية الرسول، القادر على تبليغ رسالته، قوية واضحة مؤثرة طبيعية، في إطار من الرفق بقومه، والمودة لهم، والثقة التى وجبت بينهم، وقد قدم لهذه الخطبة الوجيزة بكلمات كأحسن ما تكون المقدمات، صلة بالموضوع، وضمانا لقبوله، وإن شئت فقل: إنه وضع أساس الاقتناع بدعوته تلك الكلمات القلائل.
ولن تجد قولا كهذا يدل على قائله، وينتسب إلى صاحبه، ولو أنك عرضته على عالم باللسان العربي، وبشيء من تاريخ الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسألته: من تظن قائل هذا؟ لأجابك دون تردد: هذا دون ريب قول خاتم المرسلين.
وعلى يدي هذه المواهب النبوية، وباهر الآيات الكتابية تخرج البلغاء، وعنهما أخذت القوانين والأصول البيانية والبلاغية، وفي مثل هذه الخطبة القصيرة تتمثل بعض الأسس الخطابية الهامة التي ينادي بها المحدثون، ويذكرون غناءها في عالم الخطابة، وأثرها في نجاحها، "ويدخل في نطاق العلاقة بين الخطيب ومستمعيه مدى حكمته في كيف يتسلل إلى العواطف والدوافع التي لها أكبر الأثر فيهم؛ فيصل بذلك إلى نطاق أفكارهم، وأن يقدر مستوياتهم وذكاءهم، وأن يضرب على الوتر الحساس، الذي يمس ما يتعاطفون به، ويستجيبون له".

اسم الکتاب : الخطابة الإسلامية المؤلف : عبد العاطي محمد شلبي    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست