responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف    الجزء : 1  صفحة : 248
فأتى ضمام بعيره فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلّم به أن قال: بئست اللات والعزى. فقالوا: مه ضمام! اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون. فقال: ويلكم، إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله قد بعث رسولًا، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به، وما نهاكم عنه. قال الراوي: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا، وما سُمِعَ بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة [1].
وهذا يدل على حكمة ضمام بن ثعلبة، فإنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أولًا عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم عليه به أن يصدقه في كونه رسولًا لخالق هذه المخلوقات، ثم لما وقف على رسالته وعلمها أقسم عليه بحق مرسله. وهذا ترتيب يحتاج إلى حكمة عظيمة، وعقل رصين، وهو من حسن سؤال هذا الرجل وملاحة سياقه وترتيبه [2].
ولم يقتصر على هذا، بل جاء بأمر آخر يدل على حكمته وصدقه في قوله، فإنه عرض على قومه الإِسلام، وبين لهم بطلان اللات والعزى، وأنهما لا يضران ولا ينفعان، وغرس الإِيمان في قلوبهم بأن الله هو الضارّ النافع، وأن ما سواه عاجزٌ عن ذلك، وحمل إليهم جميع ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا في لحظة واحدة قبل الليل.
وهذا يدل على حكمة ضمام في دعوته قومه إلى الله - تعالى -، فقد استخدم معهم هذا الموقف الحكيم وهذا الأسلوب الناجح المسدّد، وهذا فضل عظيم لضمام ولمن وفقه الله بالدعوة إلى الله بالحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا.

[1] انظر البداية والنهاية 5/ 60، وسيرة ابن هشام 4/ 342، والإِصابة في تمييز الصحابة 2/ 210.
[2] انظر: شرح مسلم على النووي 1/ 170، وفتح الباري 1/ 149.
اسم الکتاب : الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست