[3]- أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى الذي يريد أن يذبح ذبيحته باللين والرفق، والذبح من مظاهر القوة لا الضعف «وليحد شفرته وليرح ذبيحته» [1] . وفي هذا الحديث دليل على أن القوة باللين والرفق، فحد الشفرة، دليل على القوة بلين ورفق.
4- أن الجهاد مظهر من مظاهر القوة، بل هو القوة بعينها، ومع ذلك ينهى فيه عما يؤدي إلى العنف والغلظة، فنهى عن المثلة ونحوها.
وبهذا يتضح أنه لا منافاة بين اللين، والرفق وبين القوة، وكلها من صفات الحكماء.
وبعد:
فهذه أهم وأبرز أركان الحكمة وأسبابها، حسب ما ظهر لي بالتتبع والاستقراء لكتاب الله عز وجل.
وقد تجتمع هذه الأركان في شخص واحد، وهو نادر وقليل، وقد تتوافر في مجموعة من الأفراد، فبمجموعهم تتوافر فيهم أركان الحكمة وسماتها.
وكما ذكر العلماء، أن المجدد قد يكون فردًا واحدًا، وقد يكونون مجموعة من العلماء، والدعاة يجددون لهذه الأمة أمر دينها [2] .
ولهذا فإن الحكمة قد تكون كاملة وقد تكون نسبية، وهو الأكثر [3] وهذا المفهوم يساعدنا في البحث عن الحكمة والحكماء عند مواجهة الأحداث والأزمات. [1] رواه مسلم (1955) . [2] انظر: كتاب التجديد والمجددون. [3] قال ابن القيم في مدارج السالكين 4 / 479: والله - تعالى- أورث الحكمة آدم وبنيه، فالرجل الكامل من له إرث كامل من أبيه، ونصف الرجل كالمرأة له نصف ميراث، والتفاوت في ذلك لا يحصيه إلا الله تعالى. وأكمل الخلق في هذا: الرسل، صلوات الله وسلامه عليهم، وأكملهم أولو العزم، وأكملهم محمد، صلى الله عليه وسلم، ولهذا امتن الله - سبحانه وتعالى- عليه، على أمته بما آتاهم من الحكمة، كما قال - تعالى-: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ. وقال: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ.