وقال -سبحانه- واصفا المؤمنين ومثنيا عليهم: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (الشورى: من الآية 38) . بل إنني وجدت آية أخرى نصا في المسألة، وهي قضية فطام الولد فقد قال -سبحانه-: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (البقرة: من الآية 233) . وفصل الولد وفطامه يحتاج إلى حكمة حتى لا يضار وهو صغير لا حول له ولا قوة، وقد يكون ضحية خلاف بين الوالدين، فجعل التشاور شرطا للفطام، وليس مجرد التشاور كافيا، بل لا بد أن يكون تشاورا حقيقيا، تكون نتيجته التراضي والاتفاق، وإلا فلا، ولذلك قال ابن كثير:
أي: فإن اتفق والدا الطفل على فطامه قبل الحولين، ورأيا في ذلك مصلحة له وتشاورا في ذلك وأجمعا عليه، فلا جناح عليهما، فيؤخذ منه أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي، ولا يجوز لواحد منهما أن يستبد في ذلك من غير مشاورة الآخر، قاله الثوري وغيره [1] . [1] انظر: تفسير ابن كثير 1 / 284.