وهذا المنهج حقق آثارا إيجابية ضخمة، وكان كفيلا بالقضاء على هذه الحركة مع تجاوز السلبيات المتوقعة، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في نهاية المطاف ردا على عمر -الفاروق- الذي طالما طالب بقتل المنافقين حمية لدين الله: «أين عمر؟ لو قتلنا هؤلاء يوم طلب عمر لأرعدت لهم أنوف تريد اليوم قتلهم» [1] . وهذا المنهج هو الذي أدى إلى قتلهم معنويا، دون الحاجة إلى قتل أي فرد منهم حسيا.
وهذه -والله- هي الحكمة في أسمى معانيها.
إننا اليوم بأمس الحاجة إلى دراسة منهج مواجهة حركة النفاق في الصدر الأول، ومن ذلك دراسة الآيات التي نزلت في هذه القضية، وبخاصة في سور (البقرة -التوبة -الأحزاب -المنافقون) .
وبهذا نستطيع أن نحقق ما يلي:
1- معرفة الوسائل الموصلة إلى الكشف عن هوية المنافقين في مجتمعنا، ومدى تأثيرهم في المجتمع.
2- رسم منهج شرعي لمواجهة هذه الحركة، وأسلوب التعامل معها.
3- شل فاعليتها، ثم القضاء عليها دون إحداث فتن داخل الصف المسلم.
ولن يتحقق هذا الأمر إلا بالالتزام بالحكمة التي رأينا بعض مظاهرها، وسماتها في منهج القرآن، والسنة، عند معالجة هذه القضية الكبرى. [1] انظر: تفسير الطبري 28 / 76، وسيرة ابن هشام 3 / 327.