اسم الکتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة الجزء : 1 صفحة : 467
المقولة الرابعة: حركة التصنيف الكبرى للسنة وزواتها
...
المقولة الرابعة: حركة التصنيف الكبرى للسنة ورواتها
في ضوء المنهج الرائع الذي وضعه علماء الحديث من المسلمين لضبط ما روي مضافًا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحريره وتنقيحه، ونفي الشوائب الدخيلة، اتسعت الحركة العلمية بتنافس عجيب للاستزادة من جمع وحفظ ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وصفات وإقرارات، حتى ظهر في المحدثين من يختص بلقب الحافظ، أو يختص بلقب الحاكم، وربما بلغت محفوظات بعضهم مئات الألوف من متون الأحاديث وأسانيدها، وليس كل هذا الجم الغفير صحيح النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن علماء الحديث كانوا يحفظونه ويسجلونه ويقدمونه للنقد والتحرير وتمييز الصحيح من غيره، وفق المنهج العلمي العام، الذي انتهوا إليه في تحرير مرويات الأخبار، فما صح منها حكموا بصحته، وما ترجحت صحته حكموا بحسنه، وما لم يكن كذلك حكموا بضعفه وتوهينه، وأما
وعلى هذا المنوال تابع علماء الحديث المسلمون تحقيقاتهم العلمية، حتى استطاعوا أن يحرروا ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو صفة أو تقرير، واستطاعوا أن يضعوا المنهج السليم لوضع الأحاديث في مرابتها بحسب درجة الثقة بصحة روايتها.
وكان عملهم في هذا المجال عملًا حضاريًّا جليلًا، لم تسبقهم إلى مثله أمة من الأمم.
ومن الجدير بالتنويه به أن علماء العصر الحديث من غير المسلمين غربيين أو شرقيين لم يجدوا سبيلًا لتحقيق النصوص التاريخية الخبرية أوفى وأسد من منهج علماء المسلمين.
لكن علماء العصر الحديث من غير المسلمين لا يستطيعون أن يلتزموا كل الشروط التي التزم بها علماء الحديث المسلمون.
اسم الکتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة الجزء : 1 صفحة : 467