اسم الکتاب : الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية المؤلف : الطوفي الجزء : 1 صفحة : 140
جنسها، ولو لم يعتبر للتمسك بهذه المصلحة وجود أصل يشهد لها للزم منه محذورات: أحدها: أن ذلك يكون وضعا للشرع بالرأي لأن حكم الشرع هو استفيد من دليل شرعي: إجماع أو نص أو معقول نص، وهذه المصلحة لا تستند إلى شيء من ذلك فيكون رأيا مجردا. الثاني: لو جاز ذلك لاستوى العالم والعامي لأن كل واحد يعرف مصلحة نفسه الواقعة موقع التحسين أو الحاجة، وإنما الفرق بين العالم والعامي معرفة أدلة الشرع واستخراج الأحكام منها. الثالث: لو جاز ذلك لاستغني عن الرسل وصار الناس براهمة لنحو ذلك. فإنهم قالوا: لا حاجة لنا إلى الرسل لأن العقل كاف لنا في التأديب ومعرفة الأحكام إذ ما حسنه العقل أتيناه وما قبحه اجتنبناه. وما لم يقض فيه بحسن ولا قبح فعلنا منه الضروري وتركنا الباقي، احتياطا. فالتمسك بهذين الضربين من المصالح من غير شاهد لهما بالاعتبار يؤدي إلى مثل ذلك، ونحوه فيكون باطلا" اهـ.
يتضح مما سبق أن المصلحة منها ما هو قياس لا خلاف فيه ومنها ما هو باطل لا يجوز جعله من أدلة التشريع ومنها ما هو متروك لاجتهاد المجتهد لأن الشرع لم يشهد باعتباره أو بطلانه. وهو ما كان تحسينيا أو حاجيا أو ضروريا وتبين لنا أن التحسيني والحاجي لا يصح التمسك بمجردهما من غير شاهد لهما من الشرع. أما ما كان ضروريا فقد اختلف فيه العلماء وقد نقل لنا هذا الاختلاف الإمام الطوفي في شرح الروضة (2/ 442) فهو يقول:" فهذه المصلحة الضرورية قال مالك، وبعض الشافعية هي حجة، لأنا علمنا أنها من مقاصد الشرع بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة، وقرائن الأحوال،
اسم الکتاب : الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية المؤلف : الطوفي الجزء : 1 صفحة : 140