اسم الکتاب : الأمة بين سنتي الابتلاء والعمل المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 105
فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض، لا مَخْرجَ الأمر، وقال: {إِلَى أَنْ تَزَكَّى} ولم يقل: (إلى أن أزكيك) .
فنسب الفعل إليه هو، وذكر لفظ التزكِّي دون غيره؛ لما فيه من البركة، والخير، والنماء.
ثم قال: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} أكون كالدليل بين يديك الذي يسير أمامك.
وقال: {إِلَى رَبِّكَ} استدعاءً لإيمانه بربه الذي خلقه، ورزقه، ورباه بنعمه صغيراً وكبيراً [1] ولهذا فإن الكلمة التي تُلقى أو تحرر في أدب، وسعة صدر، تسيغها القلوب، وتهش لها النفوس، وترتاح لها الأسماع.
ولقد امتن ربنا -جل وعلا- على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن جبله على الرفق ومحبة الرفق، وأن جنبه الغلظة، والفظاظة، فقال -عز وجل-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159] .
ولقد كانت سيرته -عليه الصلاة والسلام- حافلةً بهذا الخلق الكريم الذي مَنْ مَلَكَه بسط سلطانه على القلوب.
وكما كان -عليه الصلاة والسلام- متمثلاً هذا الخلق فقد كان يأمر به، ويبين فضله. [1] بدائع الفوائد لابن القيم 3 / 132-133
اسم الکتاب : الأمة بين سنتي الابتلاء والعمل المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 105