اسم الکتاب : الإستشراق وجهوده وأهدافه في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته المؤلف : عبد المنعم محمد حسنين الجزء : 1 صفحة : 89
{كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ} [1] وقال جلّ شأنه: {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} [2].
وقد حاول أعداء الإسلام أن يستغلوا هذا الميل إلى المادية في تضليل شباب المسلمين عن حقيقة دينهم، واستفاد الاستشراق في التشويش على الدعوة الإسلامية من أقوال الصوفية الذين ينتسبون إلى الإسلام؛ فالصوفية يروّجون أن الزهد في متاع الدنيا دليل الاتباع الصحيح للدين، وهذا زعم باطل، ولكن المستشرقين استفادوا منه في إغراق شباب المسلمين بتيار المادية ليشوشوا على الدعوة الإسلامية ويشككوا في مقررات الإسلام.
إن المادية تنكر على الدين الدعوة إلى الإيمان بما وراء الحسّ؛ من الإيمان بالله وملائكته واليوم الآخر والحساب والجنة والنار، وكل ما لا يقع في مجال المدركات الحسية التي هي عمدة العقل المادي في الحكم على الأشياء وقبولها أو رفضها، أي أن المادية تغرق الناس في الشهوات ليتخذوا من حبّها دينا وينصرفوا عن دين الحق.
فينبغي على الدعاة الذين يتصدَّون لردّ هذه الدعوة المضلّلة أن يبينوا للشباب - بخاصة - أن الإسلام حينما يدعو الناس إلى الإيمان بالحياة الآخرة لا يحرمهم شيئا من طيبات الحياة الدنيا، بل إنه يطلق كل قوى الخير فيهم؛ ليعملوا جادين في كل ميدان من ميادين الحياة وليقطفوا كل طيب من ثمرات عملهم وجهدهم.
إن الإسلام لم يحرم على الناس شيئا من طيبات الحياة الدنيا؛ فالله جلّ وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [3]، كما يقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [4]، ويقول عز وجل: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [5]، ويقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [6]. إن الله دعا الناس إلى [1] سورة القيامة آية 20-21. [2] سورة الإنسان آية 27. [3] البقرة آية 132. [4] المائدة آية 87. [5] الأعراف آية 32. [6] النحل آية 97.
اسم الکتاب : الإستشراق وجهوده وأهدافه في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته المؤلف : عبد المنعم محمد حسنين الجزء : 1 صفحة : 89