بقي كما هو، بل هل تجد حقيقة شرعية واحدة يفهمها الناس كما أراد هو لا كما فسروها أولوها وأطلقوها في غير موضعها؟
نحن مهددون باندثار حضارتنا لأننا زيفنا أعظم عملة نتعامل بها وهي الكلام، وإني لأعجب والله كيف نثور ونغضب ونسجن من زيف دينارا وغاية ما فعل أنه سرق من جيب الأمة ديناراً، ولا نثور ونغضب ممن يزيف الكلام وقد يكون في تزييف كلمة واحدة هلاك أمة بأسرها، وقد شرحنا هذا آنفاً، فأعد قراءة المقال، كلنا يشكو من الفوضى وما ذلك إلا أننا ألبسنا اللص لباس الشرف، وأعطينا المغتصب حق الملك، وخلعنا على الديوث لباس العصر وجعلنا كل التافهين أبطالاً، وكل المتشبهين رجالاً وكل الذين خانوا أمانة العلم علماء، وكل الذين باعوا أمتهم وأوطانهم قادة وزعماء فماذا بقي لنا؟! بقي أن نعيد ترتيب اللغة من جديد، وأن نتعلم من الصفر كيف نسمي الأشياء بأسمائها.
14 ديسمبر 1976م.