الجوع الروحي يجتاح العالم
كان سقوط نظام الإقطاع في أوروبا، واندحار النظام الكنسي المساند له، وظهور الآلة الجديدة وبداية الاكتشافات العلمية كل ذلك كان مقدمة لبروز عصر جديد نستطيع أن نسميه عصر العلم المادي والآلات، هذا العصر الذي امتد طيلة القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين انقلبت فيه أفكار الناس ومعتقداتهم فبينما كان جميع الناس -إلا ما شذ منهم- يؤمن إيماناً ما بعقيدة غيبة وبشيء وراء الأسباب فإن الناس تحولوا إلا القليل منهم إلى الإيمان بالمادة فقط ويرفض كل شيء وراء الأسباب وبالكفر بكل ما لا تصل العلوم المادية والحواس إليه، وبهذا انهار الفكر الديني بوجه عام على سطح الكرة الأرضية، وحل محل الآلهة التي اعتنقها البشر آلهة جديدة تتمثل في قدرة العلم المادي على صناعة المعجزات وتسخير الأرض والسماء وقهر الحياة والتغلب على مشاكلها وتسخير الأرض والسماء وقهر الحياة والتغلب على مشاكلها واكتشاف المجهول أياً كان، وبدأت مرحلة جديدة للسخرية من أهل العقائد الدينية أياً كانت والحكم عليها جميعاً بحكم واحد وهي أنها من نسج خيال المشعوذين والدجالين، أو مما يضيفه الإنسان على الطبيعة التي كان الإنسان يقف حائراً أما تصرفاتها الغربية كالعواصف والزلازل والبراكين.