أن نلقي اللوم على الاستعمار الإنجليزي ثم الأمريكي، فلا ينكر إلا مكابر دور انجلترا ومعها دول الاستعمار الأوروبي قاطبة ثم دور أمريكا بعد ذلك، ولا ينكر إلا عميل كذاب دور المعسكر الشيوعي في خلق إسرائيل ومساندتها والحفاظ عليها إلى اليوم، أقول قبل أن نلوم أولئك جميعاً فلنقف أولاً مع أنفسنا ولنعدد أخطاءنا ولنستفد من دروس الماضي وأولى هذه الأخطاء في نظري تحتاج إلى مراجعة هذه العبارة الصادقة "اعرف عدوك" والتي استخدمها أناس لا يعرفون العدو فضلُّوا وأضلُّوا وساهموا في الهزائم المتكررة لنا أمام العدو عسكرياً وسياسياً وإعلامياً.. فالمعلومات التافهة والمبتورة أفسدت رؤية شعوبنا لليهود، والمعلومات المبالغ فيها أيأست كثيراً منا في تحقيق النصر على اليهود وساعدت في خلق اليهودي الخرافي عندنا، وكذلك المعلومات المشوهة لليهودي الجبان ولقوته واستعداداته الهزيلة ولقوة العرب الهائلة وذلك قبل هزيمة سنة 1967 كانت من أهم أسباب تلك الهزيمة، ولذلك أصيبت مجموعة المثقفين وقراء الصحف وكتاب المقالات والأدباء بالانهيارات العصبية والاهتزازات النفسية بعد الهزيمة وذلك للصورة المشوهة والمعلومات المغلوطة عن قوة اليهود وقوة العرب، ولو كنا نرى الأمور على حقائقها لما أصيب منا هذا العدد الضخم بما أصيب والذين كانوا يفهمون الواقع كما هو قالوا لن ننتصر في معركة سنة 1967م وكان كاتب هذه السطور بحمد الله واحداً من هؤلاء، المهم أن الرؤية الزائفة التي يخلقها الإعلام في البلاد العربية لليهود هي من أكبر عوامل الهزيمة، بل لعلها أكبر عوامل الهزيمة على الإطلاق، وذلك أن المواقف العسكرية والسياسية لا تتخذ إلا وفق المعرفة بالعدو وإذا كانت هذه المعرفة معرفة زائفة مغشوشة كان الموقف العسكري فاشلاً وكذلك الموقف السياسي.