اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 23
يحيد عن معالم الأخلاق، ولا يتخلى عن الموازين والقيم الإلهية. وإلا غدا إنسانا شاردا حائرا تائها ضالا لا يتبين ملامح الهداية ولا تتضح أمامه الرؤيا، فتتشابه عليه الأمور، وقد يرى الباطل حقا والحق باطلا، وقد يخبط في تيه الحياة خبط عشواء، وقد يظلم وقد يغش، وقد يتعسف.. لأن الموازين اختلت لديه والمقاييس تغيرت في نظره.
وثمرة أخرى تجنيها من ثبات الحقائق في الثقافة الإسلامية هي ضبط الفكر الإنساني، فلا يتأرجح مع الشهوات والأهواء والمؤثرات، ولا يندفع وراء حب أو كره عارض. ولا يتأثر من قول شخص قريب أو بعيد، أو حبيب أو بغيض[1]. أو كبير أو صغير أو رئيس أو مرءوس، أو صاحب سلطان أو مغمور.. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [2].
وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [3].
وقال جل وعلا: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} [4].
{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [5].
والثقافة الإسلامية بهذه الميزة تختلف اختلافا كبيرا عن ثقافة الغرب "أيًّا كان نوعها" والتي تقوم على مبدأ التطور المطلق الذي يؤدي إلى فكرة وجود النقيض.. [1] خصائص التصور الإسلامي للأستاذ سيد قطب. ص83-88. [2] سورة المائدة: 8. [3] سورة النساء: 135. [4] سورة النساء: 105. [5] سورة المؤمنون: 71.
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 23