responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 449
الفكر وتشوّش البال، واليأس من الخلاص، والاستسلام له قبل الوقوع، ولهذا فالحذر بالمعنى الذي بيَّنَّاه محمود غير مذموم، وهو من صفات أهل الإيمان والعقل السليم والفهم الدقيق لسنن الله في الكون، لا من صفات أهل الطيش والحماقة والجهالة وقِصَر النظر، فهؤلاء لا يعرفون الحَذَر ولا تَتَّسِع له عقولهم؛ لأنهم لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم، ولا يحسّون بالمكروه المتوقَّع الحصول، إلّا إذا وقع فعلًا، أمَّا قبل وقوعه فهم عنه لاهون ساهون سادرون، ومن ثَمَّ يفاجئون به، فيدهشهم ويبهرم. والفرق دائمًا بين العاقل والجاهل أنَّ الأول يعرف الخطر قبل وقوعه، والمكروه قبل حلوله، فيتَّخذ العُدَّة لملاقاته ودفعه. أمَّا الثاني فلا يحسّ به أصلًا إلّا إذا وقع، ومن ثَمَّ لا يتخذ من الأسباب ما يدفعه أو يتوقاه، ولهذا الفرق يحسب الجاهل ما يفعله الرجل الحَذِرُ نوعًا من الخوف الذي لا مبرِّرَ له، ونوعًا من الجُبْن لا يتفق مع الإيمان، وكثيرًا ما يتأثَّر الرجل الحَذِرُ بأقوال الجهّال، فيترك ما يدعو إليه الحََذَر، ويتجاهل الخطر وإن تحققت مقدماته، فعلى الداعي المسلم أن لا يلتفت إلى أقوال هؤلاء. إنَّ مَثَلَ الحَذِرِ كصاحب السفينة يسير في البحر على ضوء ما تشير به حالة الجو، في ضوء قواعد علم الفلك والأنواء، ويأخذ الحذر المطلوب لتقلُّبات الجوِّ، وحتى إذا لم يحدث المتوقع فلا ضرر عليه فيما يأخذ من الحيطة، ومَثَلُ الجاهل الأحمق مَثَلُ الذي يسير في المحيط في مركب صغير، ولا يلتفت إلى ما تشير إليه الأخبار العلمية عن حالة الجو المتوقعة، بل يبلغ به الجهل إلى مخالفة ذلك، وسرعان ما يعطب به مركبه، وتتكسر ألواحه فيغرق بما فيه ومن فيه، وإن كانت نيته حسنة، وقصده مرضاة الله تعالى، وقد يكون مأجورًا في الآخرة، ولكن أمور الدنيا تجري وفق الأسباب والمسببات، لا وفق القصود والنيات.
دليل مشروعية الحَذَر من القرآن الكريم:
688- قال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا

اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 449
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست