responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 393
العذاب، أي: أظهروا جميعًا الندم، السادة والأتباع، كلٌّ ندم على ما سلف منه، ولكن لا ينفعهم الندم، ولهذا توضع في أعناقهم السلاسل، أي: تجمع أيديهم مع أعناقهم جزاء أعمالهم وتكذيبهم، للقادة عذاب بحسبهم، وللأتباع عذاب بحسبهم[1].
لماذا يتأثر الجمهور بالملأ:
608- قلنا: إنَّ الجمهور أكثر استجابة للحقِّ من غيرهم، وقلنا: هناك احتمال لتأثُّر الجمهور بالملأ وباطله، فلماذا يكون هذ التأثر بالباطل مع وضوح الحق وعدم وجود الموانع للاستجابة عند الجمهور؟ الجواب عن ذلك يرجع إلى جملة أسباب:
609- أولًا: الخوف، فلا شك أنَّ الملأ الكافر وبيده القوة والنفوذ والمال يستطيع أن يرهب الجمهور ويخوفهم إن خرجوا عن الكفر الذي هم فيه، وهذا الخوف يثبِّط الهِمَمَ والعزائم عند أكثر الجمهور طلبًا لسلامة أنفسهم من الأذى، قال تعالى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} [1]، فالخوف من بطش فرعون وملئه منع أكثر الجمهور من الإيمان به، ولم يؤمن به إلّا قلة منهم وهم خائفون أن يصيبهم بطش فرعون، صحيح أنَّ قلة من الجمهور لا يخيفهم التهديد والوعيد بإنزال العذاب الشديد إن آمنوا بالحق، فيعلنوا إيمانهم غير هيَّابين ولا وجلين، كما حصل لسحرة موسى عندما أعلنوا إيمانهم بموسى وبدعوته الحق وبربهم -سبحانه وتعالى، ولم يلتفتوا إلى تهديد فرعون لهم بالصَّلْبِ والقتل، وقالوا له: {لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وكذلك أصحاب الأخدود آمنوا بالرغم من العذاب الشديد، ولكن هؤلاء قلة من الجمهور، والكثير منهم يتأثرون بالخوف من الملأ، فلا يُقْدِمُون على الإيمان، ثم يطول عليهم الأمد، ويألفون الكفر فيرضونه طائعين بعد أن كانوا له كارهين، فيعمَّهم العذاب، ومما يشير أيضًا إلى أثر الخوف في منع الجمهور من أتباع الحق، قوله تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} .

[1] تفسير ابن كثير ج3 ص539، تفسير القرطبي ج14 ص303، 304.
2 سورة يونس الآية: 83.
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست