responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 218
قدره وعظيم منزلته كان كثير المشاورة لأصحابه، شاروهم يوم بدر في التوجُّه إلى قتال المشركين، وشاورهم قبل معركة أحد أيبقى في المدينة أم يخرج إلى العدو.
وشاور السعدين: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة يوم الخندق، فأشاروا عليه بترك مصالحة العدو على بعض ثمار المدينة مقابل انصرافهم عنها، فقبل رأيهما[1]، وهكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثير المشاورة لأصحابه، حتى قال العلماء: "لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم"[2].
ترك المشاورة موجب لعزل رئيس الدولة:
348- وإذا كانت المشاورة حقًّا للأمَّة وواجبًا على رئيس الدولة، فإنَّ التفريط بها إلى حدِّ تركها موجب للعزل، جاء في تفسير القرطبي: "قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشرعية وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدِّين فعزله واجب"[3]، فلا بقاء لحاكمٍ مستبدٍّ في دولة الإسلام.
تعليل أهمية المشاورة:
349- مما ذكرناه يتبيِّن لنا بوضوحٍ أن المشاورة في نظام الحكم في الإسلام ذات أهمية بالغة، وتعليل ذلك على ما نرى: إنَّ المشاورة سبيل معرفة الرأي الصواب؛ لأن كل مستشار يظهر رأيه ووجهة هذا لرأي ومدى فائدته، وبعرض هذه الآراء ومقارنتها ومناقشتها يظهر الصواب غالبًا، كما أنَّ بالمشاورة استفادة بلا جهد من خبرات الآخرين وتجاربهم التي اكتسبوها في سنين طوال وبجهود وتضحيات، كما أن بالمشاورة عصمة لولي الأمر من الإقدام على أمور تضر الأمة ولا يشعر هو بضررها، ولا سبيل إلى إصلاح الضَّرر بعد وقوعه، ولا يرفعه كونه حسن النية.
وفي المشاورة أيضًا تذكير للأمَّة بأنها هي صاحبة السلطان، وتذكير لرئيس الدولة بأنَّه وكيل عنها في مباشرة السلطان، وفي هذا وذاك عصمة من الطغيان الذي هو من صفات الإنسان، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} .

[1] إمتاع الأسماع للمقريزي ص219، وتفسير الرازي ج9 ص67.
[2] السياسة الشرعية لابن تيمية ص169.
[3] تفسير القرطبي ج4 ص249.
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست