تعالى: {خالصة يوم القيامة} وذلك لأن حكمة الله اقتضت أن تكون دار الابتلاء دار اشتراك، أما دار الجزاء فهي دار تمييز، فالمؤمنين يكونون في دار النعيم منها، والكافرون يكونون في دار العذاب الأليم.
والذين يصورون الإسلام مادياً بعيداً عن السمو الروحي هم أيضاً مفترون، يقولون على الله ما لا يعلمون، ويكذبهم في تصويرهم هذا قول الله تعالى في سورة (الحديد/57 مصحف/94 نزول) :
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً}
ونظيرهما نصوصٌ قرآنية أخرى كثيرة، وهذه النصوص تسور الغرائز والشهوات التي تدعوها زينة الحياة الدنيا ومغرياتها، بأسوار تضم منافعها فتأذن بها، وتحجز عن مضارها فتحرّمها، وتضع خطوطاً على الزيادات التي لا فائدة منها فترغب بتركها، وتلفت نظر المسلم إلى مراتب الكمال الروحي، فتدعوه إلى أن يصعد في سلمها مرتبة فمرتبة، حتى يسمو على الملائكة في مراتبهم الروحية الخالصة من شوائب الغرائز والشهوات، وتغذي قلبه بالعفة عن الشهوات التي فيها إثم ومعصية لله، وبالزهد في زوائد المتاع الفاني التي قد تُطغي وتصرف عن الخير وتصد عن الفضيلة، وحينما تزهده بزوائد المتاع الفاني تعلق قلبه بالباقيات الصالحات التي هي خير عند الله ثواباً وخيرٌ أملاً.
ولما كان الناس أصنافاً ثلاثة في هذه الحياة الدنيا: كافرين غارقين في متاعها ظالمين لأنفسهم، ومؤمنين ملفقين يخلطون عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ومتقين وسابقين في الخيرات بإذن الله وتوفيقه، جاء في آية سورة (الحديد) الآنفة