اسم الکتاب : دروس للشيخ عمر العيد المؤلف : عمر العيد الجزء : 1 صفحة : 16
الإيمان بالملائكة
وعندنا أصل آخر قد أغفله كثير من الناس، وهو والله يحتاج إلى محاضرة مستقلة، إنه الإيمان بالملائكة، الإيمان بالملائكة أمر غيبي ليس أمراً مشاهداً، ومن منا شاهد الملائكة؟! ومع ذلك نقول: إن الإيمان بالملائكة يؤثر على كل مسلم، إن من البشرى التي نسأل الله أن نكون من أهلها، إذا اجتمع الناس في حلقات العلم إذا بالملائكة تأتي فتقول: هذه بغيتكم، فتأتي الملائكة فيجتمعون ليسمعوا الخير والذكر، الله أكبر! أهل الإيمان تحفهم الملائكة وأهل الزمر والطرب تحفهم الشياطين، والحمد لله على طريق الخير والاستقامة، ونسأل الله أن يتوفانا عليه.
هذا الأصل العظيم أليس الله أمرنا بالإيمان به؟! {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:285] ويبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه لما سأل عن الإيمان، قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه) ويؤصل لنا قضية الإيمان بالملائكة، أن الملائكة يكونون معنا ونحن لا نراهم، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] وتكون مع الناس وهم لا يرونهم، لم؟ قال الله لنا في كثير من الآيات: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:7] إن حملة العرش تستغفر لأهل الإيمان، هناك فوق السموات السبع وهي تقول: (اللهم اغفر لأهل الإيمان، اللهم ارحمهم) الله أكبر! عند من تكون تلك المنقبة إلا لأهل العقيدة الصحيحة.
ويبين لنا النبي كما ثبت في سنن أبي داود بسند صحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أذن لي أن أحدثكم عن ملك من الملائكة من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة عام) .
ونتساءل: هذا الملك على ضخامته يستغفر لأهل الإيمان، الله أكبر! إن هذا يوجب لنا أن نتمسك بهذه العقيدة وبهذا الإيمان لتستغفر لنا تلك الملائكة، إننا جلسنا في هذا المسجد ننتظر صلاة العشاء، إن الملائكة تقول لكل واحد: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ونحن جلوس، من دعت له الملائكة فهذا حري بالإجابة.
إن الملائكة تنصر أهل الإيمان: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال:12] {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ} [الأنفال:9] ثبت في صحيح مسلم: (جاء أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا رسول الله! كنت في الجهاد فسمعت هاتفاً يقول: أقدم حيزوم أقدم، لكن لا أدري ما هو، قال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا من مدد السماء الثالثة جاء معكم يقاتل) .
إذاً: أمتنا يكون الله معها، ويمدها الله بإمدادات عجيبة في النصر بملائكة من عنده، يمدها الله بالريح وبقذف الرعب في قلوب الأعداء.
فعلينا أن نرجع إلى هذه العقيدة، ويبين الله لأهل الخير والاستقامة: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ} [فصلت:30] نفس المؤمن تودع هذه الدنيا وهذا أمر حق، وهذا من عقيدتنا، لا يدري الإنسان متى يموت ولا بأي أرض يموت، فإذا نزل ملك الموت على المستقيم إذا بالملائكة تحيط من حوله تقول له: ألّا خوف عليك ولا حزن.
لا خوف عليك مما أنت قادم إليه؛ لأنك قادم إلى جنة وإلى رب رحيم، ولا حزن على ما تركت من الأموال والذرية: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [فصلت:31] .
قصة واقعية: كان أحد العلماء يذكر لنا عن شيخ له لما نزل به الأجل، وكان عنده أولاده وهو يرمق إلى الباب، فنظر أبناؤه إلى الباب ما وجدوا أحداً، قالوا: لعله نظر إلى أحد يتمنى رؤيته، فانطلقوا إلى الباب فما وجدوا أحداً، رجعوا إليه وإذا به شاخص ببصره إلى الباب، سألوه: لم تنظر؟ قال: إني أرى أناساً معهم ثياب بيض ينتظرون روحي متى تخرج.
هذا يبين لنا أنهم الملائكة.
هذه عقيدتنا نحن، فلنرجع لهذه العقيدة رجعة صادقة متمسكين بها.
اسم الکتاب : دروس للشيخ عمر العيد المؤلف : عمر العيد الجزء : 1 صفحة : 16