responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان    الجزء : 1  صفحة : 439
.. {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} محمد12 – صلى الله عليه وسلم –. وقال ربنا – جل جلاله –: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة257، وقال – جل وعلا –: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} يونس62-64، قال وهب بن منبه – رحمه الله تعالى – قرأت في الكتاب الأول، أن الله – تبارك وتعالى – يقول: "بعزتي من اعتصم بي، فإن كادته السموات بمن فيهن والأرضون بمن فيهن، فإني أجعل له من بين ذلك مخرجاً، ومن لم يعتصم بي فإني أقطع يديه من أسباب السماء، وأخسف به من تحت قدميه الأرض، فأجعله في الهواء، فآكله إلى نفسي، ثم لا أبالي بأي وادٍ هلك (1)

(1) انظر الأثر في تفسير ابن كثير: (3/370-371) ، وفيه إيضاح ذلك بكرامة من الله للعبد الصالح أبي بكر محمد بن داود الديني فانظرها لزاماً. وانظر أثر وهب في إغاثة اللهفان: (1/34) وعزاه للإمام أحمد – عليه رحمة الله تعالى –..وفي رسالة الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: أخبار كثيرة قرابة الثلاثية تدل على ولاية رب العالمين لمن يتولاه من عباده من عباده المؤمنين فمن ذلك ما في: (11/279-280) ضمن مجموع الفتاوى: مر عامر بن عبد قيس – رحمه الله تعالى – بقافلة قد حبسهم الأسد فجاء حتى مس بثيابه الأسد، ثم وضع رجله على عنقه، وقال، إنما أنت كلب من كلاب الرحمن، وإني أستحي أن أخاف شيئاً غيره، ومرت القافلة، وصلة بن أشيم – رحمه الله تعالى – مات فرسه وهو في الغزو، فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق عليّ منة ودعا الله – عز وجل – فأحيا له فرسه، فلما وصل إلى بيته، قال: يا بني خذ سرج الفرس فإنه عارية فأخذ فرسه فمات الفرس، وجاع مرة بالأهواز، فدعا الله – عز وجل – واستطعمه، فوقعت خلفه دوخلة – ما ينسج من الخوص ويجعل فيه الرطب – بتشديد اللام وتخفيفها، مختار: (220) "دخل" رطب في ثوب حرير، فأكل التمر، وبقي الثوب عند زوجته زماناً. وجاء الأسد وهي يصلي في غيضة ٍ بالليل، فلما سلم، قال له: اطلب الرزق في غير هذا الموضع، فولى الأسد وله زئير، وأما ما نعرفه عن أعيان، ونعرفه في هذا الزمان فكثير 1هـ، وانظر خبر عامر مع الأسد في حلية الأولياء: (2/92) وصفة الصفوة: (3/204) ، وانظر ترجمته فيهما، وفي كتاب الزهد للإمام أحمد: (218-228) وكتاب الزهد والرقائق للإمام ابن المارك: (294-300) وفيه خبره مع الأسد، وانظر ما وقع لصلة من كرامات في حلية الأولياء: (2/239-240) ،وصفة الصفوة ك (3/217-218) ، وكتاب الزهد والرقائق: (295-298) ، والبداية والنهاية: (9-15-16) .
تنبيه مهم:
كرر الرازي في تفسيره الإشادة بمنزلة الذكر بـ الله، والله، أو هو هو، وزعم أن لا إله إلا الله توحيد العوام، ولا إله إلا هو توحيد الخواص، وحكم على الذكر بـ هو هو بأنه أعظم الأذكار، وهو مقام المقربين، أما لفظ "الله" فهو مقام، أصحاب اليمين، وقرر ذلك الكلام في صفحات كثيرة جسام، وهو بهذا يسير على منوال من سبقه من المنحرفين كالحلاج الذي ألف كتاباً أسماه: "هو هو" ولعل الرازي أخذ ذلك منه، وكما أن الرازي سار بذلك المسلك على منوال من سبقه، فقد حاكى أيضاً منحرفاً عاصره وهو ابن عربي صاحب الفصوص، فقد ألف كتباً أيضاً أسماه: "الهو"، وانظر تفسير الرازي: (1/146-152، 4/175-177، 22/179-185) وقد تقدمت ترجمة ابن عربي في صفحة: (......) من هذا الكتاب المبارك وانظر نسبة كتاب "الهو" إليه في هدية العارفين: (6/116) وهو مطبوع وعندي نسخة منه، وأما الحلاج فهو الحسين بن منصور الحلاج المقتول على الزندقة، ما روى – ولله الحمد شيئاً من العلم، وكانت له بداية جيدة، وتأله، وتصوف، ثم انسلخ من الدين، وتعلم السحر، وأراهم المخاريق، أباح العلماء دمه فقتل سنة 311هـ كما في ميزان الاعتدال: (1/548) ، وقد وافق الإمام ابن حجر في لسان الميزان: (2/314) ما ذكره الإمام الذهبي في الميزان، وهكذا قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية: (11/133-134) وعبارته: أما الفقهاء فحكى غير واحد من العلماء والأئمة إجماعهم على قتله، وأنه قتل كافراً، وكان مُمَخْرقاً مموهاً مشعوذاً، وبهذا قال أكثر الصوفية، ثم رد الإمام ابن كثير على من أجمل القول فيه، وزعم حسن حاله، وقد كرر الإمام ابن تيمية الحكم بالدجل والكفر على الحلاج في أمكنة متعددة، ففي مجموع الفتاوى: (35/119، 2/481، 483، 35/108) : كان من الدجاجلة بلا ريب، وقال: كانت له مخاريق وأنواع من السحر، وقال: ما يحكى عن الحلاج من ظهور الكرامات عند قتله، ومثل كتابة دمه على الأرض، الله، الله، فكله كذب، وما نعلم أحداً من المسلمين ذكر الحلاج بخير، وقال: قتل على الزندقة التي ثبتت بإقراره، وبغير إقراره، ومن قال: إنه قتل بغير حق، فهو أما منافق ملحد، وإما جاهل ضال 1هـ. وكرر نحو ذلك في: (2/109، 35/110، 112، 114) وأطال الإمام ابن الجوزي في تلبيس إبليس في كشف حال الرجل، وبيان زندقيته. انظر: (386) ، وفي كتاب المنتظم: (6/164) ، وألف كتابً خاصاً في بيان حيل الحلاج ودجله كما نص على ذلك في تلبس إبليس: (53) وانظر أحواله الردية في تاريخ بغداد: (8/112-141) .
وقد عد الإمام أبو منصور البغدادي في الفرق بين الفرق: (260-264) الحلاجية من الفرق الخارجة عن الإسلام لقولهم بالحلول، وانظر حاله في طبقات الصوفية: (307-311) ، وذمه في البرهان المؤيد: (26) وبذلك تعلم أن ما مال إليه حسين بن محمد الديار بكري في تاريخ الخميس: (2/348) من ترجيح إمساك القول فيه، وعدم الطعن عليه لا يساوي شيئاً مع إهدار الشريعة المطهرة لدمه النجس، وأما تصحيح الشعراني لحاله في طبقاته: (1/107-109) ومبالغته في الانتصار له فهو أشد فساداً من سابقه، ولا يلتفت إليه، فتنبه، واحذر، والله يتولى هدانا جميعاً، وانظر نسبة كتاب: "هو هو" إليه في هدية العارفين: (5/305) ، والأعلام: (2/285) وقد عكف صوفية هذه الأوقات، وقبلها بمدد طويلات، على ذلك البلاء والتباب، فأعلنوا في بيوت رب الأرباب الذكر بهو هو، والله، الله، بل حرفوا ذلك إلى: آه، آه وبعضهم – وسمعته بأذني – يبدل الهاء حاء عند النطق لقرب المخرج، وتلبس الشيطان عليهم فيقولون: آح، آح ... نعوذ بالله من الخذلان، ومن الزيغ والطغيان.
وسأبين لك أيها المسترشد حكم الذكر بالاسم المفرد، لتكون على بينة من الأمور، وتحذر ما وقع فيه أهل الغرور والثبور، لم ترد شريعة الله المطهرة بالذكر بالاسم المفرد مظهراً أو مضمراً، ولم يرد في الكتاب أو السنة إرشاد الناس إلى الذكر بلفظ "الله" ولا بلفظ "هو" ولقد تركنا النبي – صلى الله عليه وسلم – على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وبين لنا كل شيء، فمن السفاهة بمكان أن يدعي أهل الهذيان، أن كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" ذكر العوام، وحبيبنا خير الأنام – عليه الصلاة والسلام – يقول: "خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له" أخرجه الإمام مالك في الموطأ – في كتاب القرآن –: (1/214-215) ، وفي كتاب الحج: (1/422-423) ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز – رضي الله تعالى عنه –. ورواه الترمذي في كتاب الدعوات – باب ما جاء في فضل دعاء يوم عرفة –: (5/231) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله تعالى عنهم – وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وحكم عليه بالحسن الشيخ الأرناؤوط في تعليقه على جامع الأصول: (4/324) بأنه حسن بالروايتين وانظر الحديث في شرح السنة أيضاً – كتاب الحج – باب الدعاء يوم عرفة –: (7/157) وحكم عليه الشيخ الأرناؤوط في تعليقه عليه بالحسن لشواهده. وفي سنن ابن ماجه – كتاب الدعوات – باب فضل الحامدين –: (2/1249) وعزاه الشيخ ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (10/553) لابن أبي الدنيا عن جابر – رضي الله تعالى عنه – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله".
فهل بعد تصريح النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل ما قاله نبينا والأنبياء قبله – عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه – لا إله إلا الله، يقبل كلام المهووسين بأن أفضل الأذكار: الله، الله، أو هو، هو، وأن لا إله إلا الله ذكر العوام والذكر بالاسم المفرد مظهراً ذكر الخواص، والذكر به مضمراً ذكر خواص الخواص.؟
دعوا كل ٍ عند قول محمد – صلى الله عليه وسلم
فما آمِنٌ في دينه كَمُخَاطِر ِ
وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى – في رد تلك الضلالة الردية، فكتب ما يزيد على عشر صفحات في تفنيدها في مجموع الفتاوى: (10/55-67) ، وخلاصة كلامه: الذكر بالاسم المفرد مظهراً مثل: الله، الله، أو مضمراً مثل: هو، هو، ليس بمشروع في كتاب ولا سنة، ولا هو مأثور أيضاً عن سلف الأمة، ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم، وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين، وربما غلا بعضهم في ذلك، حتى جعلوا الذكر بالسم المفرد للخاصة وذكر الكلمة التامة للعامة، حتىقال بعضهم، لا إله إلا الله للمؤمنين، و "الله" للعارفين و "هو" للمحققين المتقين، وربما اقتصروا في خلواتهم، أو في جماعة على: الله، الله، الله أو على: هو، هو، هو، يا هو، يا هو، أو على: لا هو إلا هو، وربما ذكر بعض المصنفين في الطريق تعظيم ذلك، واستدل عليه تارة بوجده، وتارة برأي، وتارة بنقل مكذوب كما يرى بعضهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لقن علي ابن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه – أن يقول: الله، الله، الله، وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث 10هـ.
وسيأتيك إن شاء الله ربنا الرحمن، عند دراسة فرق الزيغ والطغيان، بيان ما أحدثه الصوفية أتباع الشيطان، في مساجد الإسلام، من منكرات ضارعوا بها أهل التلمود والصلبان، وفقنا الله لإتباع هدي سلفنا الكرام، وحفظنا من الزيغ والإجرام، إنه واسع الفضل كثير الإحسان.
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان    الجزء : 1  صفحة : 439
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست