اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 402
وأما إن أريد بلفظ التحيز أنه منحاز عن المخلوقات، ومنفصل عنها، ومباين لها، فلا هو – جل وعلا – في شيء منها، ولا هي فيه – جل وعلا – فلا مانع من إطلاق هذا اللفظ على الرب – جل جلاله – والإخبار به، لأن الله – جل وعلا – فوق عرشه، على سمواته بائن من خلقه، ليس حالا ً فيهم، ولا المخلوقات حالة فيه – سبحانه وتعالى – نسأل الله الكريم أن يجعل أعمالنا على صراط المستقيم، وأن يَمُنّ علينا برد كل شيء إلى شرعه المبين، وأن يجعل هوانا تابعاً لهدي خاتم الأنبياء والمرسلين – عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم – لنكون من الراسخين الفائزين، المؤمنين الصادقين، كما بشر بذلك نبينا الأمين – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكن هواه تبعاً لما جئت به (1)
(1) انظر إيضاح الكلام على تلك المسألة العظيمة الشأن في الرسالة التدمرية: (45-46) وهي ضمن مجموع الفتاوى: (3/41-42) ، وعبارته: ما تنازع فيه المتأخرون نفياً وإثباتاً فليس على أحد بل ولا له، أن يوافق أحداً على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده، فإن أراد حقاً قبل، وإن أراد باطلا ً، وإن اشتمل على حق وباطل لك يقبل مطلقاً، ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك ... إلخ وانظر أيضاً مجموع الفتاوى فقد كرر نحو ذلك في: (3/308، 1/110) حيث قال: المعاني الثابتة بالكتاب والسنة يجب إثباتها، والمعاني المنفية بالكتاب والسنة يجب نفيها، والعبارة الدالة على المعاني نفياً وإثباتاً إن وجدت في كلام الله – جل وعلا – وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم – وجب إقرارها، وإن وجدت في كلام أحد وظهر مراده من ذلك رتب عليه حكمه، وإلا رجع فيه إليه.....إلخ وانظر: (13/145-146) ، وانظر تخريج حديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " فيما يأتي: أخرجه البغوي في شرح السنة كتاب الإيمان – باب رد البدع والأهواء –: (1/213) عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله تعالى عنهما –، ونسبه النووي في الأربعين لكتاب الحجة فقال: حديث حسن صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح، وهو الحديث الحادي والأربعون في الأربعون النووية صفحة: (28) ونسبه ابن رجب في جامع العلوم والحكم: (364) وابن حجر في الفتح المبين: (279) إلى أبي نعيم في أربعينه وشرطه فيها أن تكون من صحاح الأخبار وجياد الآثار مما أجمع الناقلون على عدالة ناقليه، وخرجته الأئمة في مسانيده، ونسبه ابن جرب أيضاً إلى الطبراني، وأبي بكر بن أبي عاصم: (1/12) كتاب السنة، والحديث حكم بصحته النووي كما تقدم، وأورده البغوي في مصابيح السنة ضمن الأحاديث الحسان في باب الاعتصام بالكتاب والسنة من كتاب الإيمان في كتابه مصابيح السنة: (1/14) وهذا على اصطلاحه الذي أشار إليه في مقدمة كتابه: (1/2) إذ قسمه إلى صحاح وحسان، ويريد بالحسان ما روي في غير الصحيحين، وشرط أن ما كان فيها من ضعف أو غريب أشار إليه، وأعرض عن ذكر المنكر والموضوع في كتابه، وقد اعترض على اصطلاحه النووي في التقريب: (95) مع التدريب وحكم على فعل البغوي بأنه خلاف الصواب، لأن في السنن الصحيح، والحسن، والضعيف، والمنكر، وقد سبقه إلى هذا ابن الصلاح في مقدمته: (111) معها محاسن الاصطلاح فقال ما صار إليه صاحب المصابيح ... اصطلاح لا يعرف وكرر هذا البلقيني في المحاسن فقال: لا يقال الاصطلاحات لا مساحة فيها ... لأن نقول: يقع الاعتراض من حيث أن في السنن أحاديث صحيحة ليست في الصحيحين، وباصطلاحه ذلك يجعلها في مترتبة الحسن، ولم يقل بذلك أحد غيره 1هـ بتصرف يسير، وكل هذا لا يرد على البغوي ولا يعترض به عليه، والأمر كما قال السخاوي في فتح المغيث: (1/82) : والبغوي قد صرح في ابتداء كتابه بقوله: أعني بالصحاح كذا، وبالحسان كذا، وما قال: أراد المحدثون بهما كذا، فلا يرد عليه شيءٌ مما ذكروه إلخ وانظر تفصيل المسألة في تدريب الراوي: (95) وقد أقر تصحيح النووي للحديث الشيخ على القاري في مرقاة المفاتيح: (1/203) ، والشيخ المعلمي في التنكيل: (2/198) ، ولكن الشيخ ابن رجب قال في جامع العلوم: (364) قال: قلت: تصحيح هذا الحديث بعيد جداً من وجوه، ثم حاصل ما ذكره يرجع إلى:
أ) ... إنفراد نعيم بن حماد المروزي به.
ب) ... إلى اضطراب عقبة بن أوس في إسناده.
وهكذا قال الشيخ الألباني في تعليقه على التنكيل: (2/198) : قلت: أنى له الصحة وفي سنده نعيم بن حماد ... إلخ وهكذا قال الشيخ شعيب في تعليقه على شرح السنة: (1/213) وعبارته: إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد، وقد أحال كل من الألباني والشيخ شعيب على مراجعة تفصيل الكلام وبسطه حول الحديث إلى جامع العلوم والحكم، والذي يفهم من كلام ابن حجر في الفتح المبين: (279) تمشية حال الحديث وقبوله حيث قال: لكن اعترض بعضهم تصحيحه بقوادح أبداها في سنده حاصلها: أنه تعارض في اثنتين من رجاله توثيق وتخريج وتعيين وإبهام، ولا شك أن التعيين مقدم، وكذا التوثيق من الأعلم الأدرى، ولا يبعد أنه هنا كذلك، كيف والبخاري خرج له ووثقه آخرون غيره، فلذا آثر المصنف – أي النووي – هؤلاء على المخرجين له، وإن كثروا وجلوا أيضاً 1هـ، ومما ينبغي التنبيه عليه أن صاحب كتاب الحجة هو الإمام أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي الفقيه الزاهد نزيل دمشق المتوفى سنة 490 عليه رحمة الله تعالى واسم الكتاب كاملا ً: الحجة على تارك المحجة بذلك صرح النووي في تهذيب الأسماء واللغات، والسبكي في طبقات الشافعية، وسماه ابن رجب الحجة على تاركي سلوك طريق المحجة، وهو يعود لما سبق، وقد نسب أئمة الإسلام هذا الكتاب لأبي الفتح نص بن إبراهيم وأثنوا على مؤلفه بليغ الثناء ويكفيه قولهم فيه: لو كان في السلف الصالح لم تقصر درجته عن واحد منهم، لكنهم فاتوه بالسبق، انظر هذا وغيره في تهذيب الأسماء واللغات: (2/125-126) القسم الأول، وطبقات الشافعية الكبرى: (5/3581-353) ، وتبين كذب المفترى: (286-287) ، والعلو العلي الغفار: (187) ، وشذرات الذهب: (3/395) ، والنجوم الزاهرة: (5/160) وهدية العارفين: (2/490-491) .
وقد وهم محمد الشحات الشرقاوي في شرحه للأربعين النووية: (66) فنسب كتاب الحجة لأبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصفهاني، وكذلك فعل الشيخ على القاري في مرقاة المفاتيح: (1/203) وقاربهما في مسلكهما الهيثمي في الفتح المبين: (279) فقال: ومؤلفه هو العلامة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ كذا قال بعضهم، وخالفه غيره فقال: إنه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي الفقيه الزاهد نزيل دمشق، وختم الكلام بهذا ولم يبين الصواب في ذلك 1هـ وجاء في الفتوحات الوهبية نسبته إلى الأول انظر صفحة: (288) وهو خطأ كسابقه ولم يتعرض لبيان مؤلف الحجة الشيخ أحمد حجازي الفشني عند شرحه للحديث انظر: (122) ، ونقل حاجي خليفة في كشف الظنون: (1/631) عن اللاري شارح الأربعين أنه قال في شرحه: كتاب الحجة على تارك المحجة يتضمن ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث والسنة وهو للشيخ أبي الفتح نصر ابن إبراهيم الشافعي الفقيه الزاهد نزيل دمشق المتوفى سنة 490 وأفصح بعض الشارحين أنه للحافظ أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الأصبهاني، وهو خطأ 1هـ نعم إن الشيخ أبا القاسم إسماعيل بن محمد له كتب الحجة في بيان المحجة كما في هدية العارفين: (1/211) لكنه ليس هو الكتاب المتقدم فاعلم، والشيخ إسماعيل بن محمد من الصالحين وكان يلقب بقوام السنة، وكان من الصالحين ما عاب عليه أحد قولا ً ولا فعلا ً، نزه النفس عن المطامع لا يدخل على السلاطين، لم يرحل إلى بغداد بعد الإمام أحمد أحفظ وأفضل منه، صاحب كرامات حياً وميتاً، كذر ابن الجوزي في المنتظم، وابن كثير في البداية والنهاية، والذهبي في تذكرة الحافظ أن الذي تولى غسله أراد أن ينحي عن سوءته الخرقة لأجل الغسل، فجذبها إسماعيل بيده، وغطى فرجه، فقال الغاسل: أحياه بعد موت؟ وكانت وفاته سنة 535 عليه رحمة الله تعالى. انظر ما تقدم وغيره من ترجمته العطرة في تذكرة الحفاظ: (4/1277-1282) ، والمنتظم: (10/90) ، والبداية والنهاية: (12/217) ، وتقدم ذكره في صفحة: (......) من هذا الكتاب المبارك.
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 402