اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 374
". ...
... وقد دلت النصوص الشرعية على أن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، ولا يتحقق كل من النعيم والجحيم، إلا إذا كان ذا شعور تام سليم، يتناسب مع تلك الدار ولا يقاس بما عندنا من موازين، ورد في سنن الترمذي عن أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه – قال: دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مصلاه، فرأى ناساً يكشرون – أي تظهر أسنانهم من الضحك – فقال: "أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هادم اللذات لشغلكم عما رأى الموت، فأكثروا من ذكر هادم اللذات: الموت، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول: أنا بيت الغربة، وأنا بيت الوحدة، وأنا بيت التراب، وأنا بيت الدود، فإن دفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحباً وأهلا ً، أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إليّ، فإذا وليتك اليوم، وصرت إليّ فسترى صنيعي بك، قال: فيتسع له مد بصره، ويفتح له باب إلى الجنة، وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر، قال له القبر: لا مرحباً، ولا أهلا ً، أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إلىّ، فإذا وليتك اليوم، وصرت إليّ فسترى صنيعي بك قال: فيلتئم عليه حتى تلتقي وتختلف أضلاعه، قال: وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأصابعه، فأدخل بعضها في جوف بعض، قال: ويقيض الله له سبعين تنيناً، لو أن واحداً منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئاً ما بقيت الدنيا، فينهشه، ويخدشه، حتى يفضي به الحساب، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار (1)
(1) انظر سنن الترمذي – كتاب صفة القيامة – باب 27 –: (7/166-168) قال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والحديث له شواهد متعددة منها ما في صحيح ابن حبان – موارد الظمآن –: (198-199) ، ومسند أبي يعلى بسند فيه درّاج أبو السمح المتقدم كما في مجمع الزوائد: (3/55) والترغيب والترهيب: (4/362) قال الهيثمي: وحديثه حسن، واختلف فيه، عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "إن المؤمن في قبره لفي روضة خضراء، فيرحب له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له كالقمر ليلة البدر، أتدرون فيما أنزلت هذه الآية: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} طه124 قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً، أتردون ما التنين؟ سبعون حية لكل حية سبعة رؤوس يلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة".
قال عبد الرحيم – غفر الله له ذنوبه أجمعين –: ما ورد في بعض الروايات من تسليط حيتين على المسرف في قبره، وفي بعضها تسليط سبعين، وفي بعضها تسليك تسع وتسعين، ليس فيه تعارض أبداً لأن أقل ما يسلط عليه حيتان عظيمتان، وتتضاعف الأعداد حسب عراقة المجرم في الفساد، وفي تحفة المريد: (2/70) قيل: والحكمة في هذا العدد – تسع وتسعين - - أنه كفر بأسماء الله الحسنى، وهي تسع وتسعون، فتأمل قوله.
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 374