responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة المؤلف : الطنطاوي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 234
الظنون والفهارس العامة، فستقف منه على ما لا يدور بخلدك من كثرة الحواشي كثرة تفضي إلى الاستغراب والدهش، وسترى عين اليقين الدليل ماثلا في يدك عند سرد علماء هذا العصر مع ذكر مؤلفاتهم فإنك واجد أنها حواش على شروح السابقين، وهذه الحواشي على البسط فيها مشوبة بالنقول المضطربة المتخالفة، ولعل ذلك منشؤه عدم السهولة في الوصول للمراجع المسند إليها النقول، ومليئة بالاعتراضات والردود عليها ثم الردود على الردود.
هذا كله مع كثرة التعقيد والالتواء في العبارات والتهافت عليها دون الغرض الحقيقي من النحو، ومع كثرة حشوها بالمصطلحات الأخرى من الفنون عربية وعقلية، ومن التعلق بالاستطرد لأوهى الأسباب وعدم ملاحظة من وضع لمستواهم الكتاب، ففي حواشي كتب المبتدئين كالكفراوي والأزهرية والقطر من المسائل ما لا يهضمها إلا من قد تزود من هذا العلم.
وقد ترتب على هذا أن نفر بعض الطلبة الذين لم يتحلوا بفضيلة الجلد والصبر حين صدموا في مطلع حياتهم العلمية بهذه الكتب وعيوا بأمرها، وانطمست عليهم مسالكها، لكنه حرص العلماء على صالح العلم دون انتباه إلى ما سواه.
والخلاصة أن النهضة التأليفية في هذا العهد الغاشم إن صح لنا اعتبارها كانت في الحواشي، ولم تمنع هذه الحال العامة في التصنيف أن يظهر بين الفينة والفينة بعض أفراد لا تنطبق عليهم أحكام هذا العصر، غير أنهم تقسمتهم الأزمنة المتطاولة جدا، فأجادوا في التصنيف ترتيبا وتقريبا، وإن لم تكن لهم آثار من ناحية ابتداع وتجديد، إذ كان غرضهم الأول إنما هو فهم أو تفهيم عبارات السابقين إذا كانت مغلقة وبسطها إن كانت موجزة فقدموا بعملهم هذا صنعا جميلا، وكانوا منحا في أيام كلها محن، كابن قاسم، والشنواني، والدنوشري، ويس، والحفني، والصبان، ولقد تغالى العلماء بعد هؤلاء وكتبوا تقارير على الحواشي، كتقارير الأنبابي المعروفة.

اسم الکتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة المؤلف : الطنطاوي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست