اسم الکتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة المؤلف : الطنطاوي، محمد الجزء : 1 صفحة : 202
ولا ريب أن استشهاده بالمحدثين إحدى الهنات الملاحظة عليه.
انتقاد هين:
الواقع أن الكتاب برهان حق على عبقرية صاحبه وإذا ما تشبثنا بالملاحظات الطفيفة فإنا لا نعدم العثور على شيء منها، ولا بأس لسرد بعض منها الآن فدونكها "الأولى" استشهاده بالمحدثين "الثانية" أنه ربما لاح له تعقب ابن الحاجب في الكافية فلا يبالي التشهير "ورب لائم مليم" فانظر إلى عبارته في رده عليه تجويزه دخول "مِنْ" على تمييز كم الاستفهامية إذ يقول "فلم أعثر عليه مجرورا بمن لا في نظم ولا نثر ولا دل على جوازه كتاب من كتب النحو ولا أدري ما صحته؟ "، ولهذا كان حسنا من السعد في المطول رده على الرضي بشاهد فيه التلميح البديع وهو قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} 1 "الثالثة" أنه اعتبر قياسية تاء الوحدة في الفرق بين الآحاد والأجناس في المخلوقات والمصادر كتمر وضرب فقال في باب المذكر والمؤنث "وهو قياسي في كل واحد من الجنسين المذكورين أعني المخلوقة والمصادر" ثم هو بعد هذا ناقض نفسه إذ يقول في شرحه على الشافية أواخر باب جمع التكسير "وليس أسماء الأجناس التي واحدها بالتاء قياسيا إلا في المصادر نحو ضربة وضرب إلخ".
على أن تلك الهنات تتلاشي تجاه المحاسن التي انطوى عليها ذلك الشرح، وقد تم تأليفه كما قال الرضي في ختامه في شوال سنة ست وثمانين وستمائة، وللسيد الشريف على الجرجاني تعليقات على الشرح جمعت بين الوجازة والإفادة، وقد نال هذا الشرح الإعجاب منذ شع نوره في المشرق، ولم ينبثق نوره في مصر إلا أخيرا.
1 سورة البقرة، الآية: 211.
اسم الکتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة المؤلف : الطنطاوي، محمد الجزء : 1 صفحة : 202