اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 575
الفصل الثامن: المشارقة والدراسات الأدبية الأندلسية
1- المشارقة والأدب الأندلسي:
سلف القول بأن المشارقة كانوا أصحاب فضل السبق في تدوين الأدب الأندلسي -شعرًا ونثرًا- والترجمة لأدباء الأندلس وأعيانه.
ونستطيع أن نقرر في غير ما إسراف أو غلو أن أبا منصور عبد الملك الثعالبي المتوفى سنة 429هـ، -والذي سبق أن تحدثنا عنه- كان واضع حجر الأساس في تدوين الأدب الأندلسي والترجمة لأدبائه، فخصص مساحة كبيرة من كتابه الثمين -يتيمة الدهر[1]- لأدباء الأندلس الذين عاصروه أو عاشوا قبله بفترة قصيرة من الزمن، فأفرد على سبيل المثال لا الحصر ترجمات وافية لكل من أحمد بن عبد ربه وجاء له بنماذج وافرة من شعره وخص أبا عامر بن شهيد بعناية كبيرة، وأورد له عددًا من نماذج أدبه شعرًا ونثرًا، وفعل الصنيع نفسه مع أحمد بن دراج القسطلي، وغيرهم من أمثال هذيل وابن شخصي وعبد الملك بن سعيد والمنصور بن أبي عامر، وهكذا.
ولم تكن ترجمات الثعالبي لبعض هؤلاء الأندلسيين ترجمات عارضة، بل كانت دراسات وافية الجوانب وافرة النماذج بحيث لا تقل قيمة عن ترجماته الأخرى للعديد من الأدباء المشارقة الذين عني بالتقديم لهم في "يتيمته". ولا شك أن طريقة الثعالبي في كتابه هذا قد لفتت نظر ابن بسام، فاقتفى أثرها ورسم على منوالها في كتابه "الذخيرة" الذي مر ذكره، بل لعل الفتح بن خاقان كان هو الآخر -في كتابيه "القلائد" و"المطمح"- صورة [1] الفصول الأخيرة من الجزء الأول، والأولى من الجزء الثاني.
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 575