responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 347
وقبائلهم وأسماء آبائهم، ومن كان يعرف باللقب أو بالكنية منهم وعما يستحسن من أخبارهم ويستجاد من أشعارهم. كما يسجل ابن قتيبة على شعرائه ما أخذ عليهم من الغلط والخطأ في ألفاظهم ومعانيهم، ويذكر ما سبق إليه المتقدمون فأخذه عنهم المتأخرون، كل ذلك يذكره ابن قتيبة مضافًا إليه أقسام الشعر وطبقاته.
وابن قتيبة متواضع تواضع العلماء صريح غير متعالٍ ولا مدَّعٍ، فهو يقول إنه ترك غير المشهورين الذين لا يعرفهم إلا الخواص إذ إنه لا يعرف منهم إلا القليل، وحتى هؤلاء لا يعرف عنهم إلا القليل من الأخبار، وهو لذلك يقول إنه لا حاجة بالقارئ إلى أن يسمي له أسماء يستطيع أن يدل عليها بخبر أو زمان أو نسب أو نادرة، أو بيت يستجاد أو يستغرب.
ويمضي ابن قتيبة في تواضع العلماء، قائلًا: "إن الشعراء المعروفين بالشعر عند قبائلهم في الجاهلية والإسلام أكثر من أن يحيط بهم محيط أو يقف وراء عددهم واقف ولو أنفد عمره في التنقيب عنهم واستفرغ مجهوده في البحث والسؤال، ولا أحسب أحدًا من علمائنا استغرق شعر قبيلة حتى لم يفته من ملك القبيلة شاعر إلا عرفه ولا قصيدة إلا رواها"[1].
ويدلل ابن قتيبة على وفرة عدد الشعراء عند العرب، وكثرتهم بحيث يستحيل الإلمام بهم بقصة الفتيان الذين جاءوا إلى أبي ضمضم بعد العشاء، فقال لهم: "ما جاء بكم يا خبثاء؟ قالوا: جئناك نتحدث، قال: كذبتم، ولكن قلتم كبر الشيخ فنتلعبه عسى أن نأخذ عليه سقطة، فأنشدهم لمائة شاعر -وقيل لثمانين شاعرًا- كلهم اسمه عمرو. ويمضي ابن قتيبة معلقًا: فهذا ما حفظه أبو ضمضم، ولم يكن بأروى الناس -أي بأكثرهم رواية للشعر وحفظًا له- وما أقرب من لا يعرفه من المسلمين بهذا الاسم أكثر ممن عرفه".
ويمضي ابن قتيبة في التعريف بكتابه ومنهجه فيذكر أنه لم يذكر في كتابه إلا الشعراء الذين عرفوا بكونهم شعراء بحيث غلب عليهم الشعر دون غيره من فنون القول كما أنه يزن الشعراء بميزان سليم هو جودة شعر الشاعر، لا يشفع له أنه متقدم، ولا ينال من قدرته أنه متأخر، وهو في ذلك يخالف من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله، أو من لا يأبه بالشعر الرصين ويحفل به؛ لأنه قيل في زمانه، ويعلل نظرته هذه بأن الله لم يقصر العلم والشعر والبلاغة على زمن دون غيره ولا خص قومًا دون قوم "بل جعل ذلك مشتركًا مقسومًا بين عباده في كل دهر، وجعل كل قديم حديثًا في عصره. فقد كان جرير والفرزدق والأخطل وأمثالهم يعدون محدثين، وكان أبو عمر بن العلاء يقول: لقد كثر هذا المحدث وحسن - أي

[1] مقدمة الشعر والشعراء.
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست