responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 202
الجناح[1]، قليل الصياح: يا أمه أخشى الشيخ أن يدنس ثيابي، ويبلى شبابي، ويشمت بي أترابي[2]، فلم تزل بها أمها حتى غلبتها على رأيها فتزوجها الحارث بن السليل على خمس ديات من الإبل وخادم وألف درهم. فابتنى بها[3] ورحل إلى قومه، فبينما هو جالس ذات يوم بفناء مظلته وهي إلى جنبه إذ أقبل فتية من بني أسد نشاط يعتلجون ويصطرعون فتنفست صعداء[4] ثم أرخت يمينها بالدموع. فقال لها: ثكلتك[5] ما يبكيك؟ قالت: مالي والشيوخ الناهضين كالفروخ! قال: ثكلتك أمك، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. فذهبت مثلًا. وقال: الحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك. فقالت: أسر من الرفاء[6] والبنين.
ولعل هذا الحوار يكشف لنا عن ظاهرة اجتماعية كريمة في المجتمع العربي المبكر وهو أن الفتاة كانت تستشار في أمر زواجها.
ومن طرائف الأحاديث البليغة، هذا الحوار الذي جرى بين حميدة بنت النعمان بن بشير وروح بن زنباع، فقد لحظ يومًا أنها تنظر إلى بعض بني قومه من قبيلة جذام وقد اجتمعوا عنده، فلامها على ذلك محاولًا توبيخها، فردت عليه قائلة مستنكرة: وهل أرى إلا جذامًا؟ !! فوالله ما أحب الحلال منهم فكيف بالحرام، ثم قالت تهجوه:
بكى الخز من "روح" وأنكر جلده ... وعجت عجيجًا من جذام المطارف
وقال العبا قد كنت حينًا لباسهم ... وأكسية كردية وقطائف
فنالت منه ومن قومه الذين بكى الحرير واشتكت المطارف من جلودهم وأجسادهم؛ لأنهم ليسوا أهل نعمة.
ومن منظوم العربيات العفيفات الوفيات ما ساقه المؤلف في هذه القصة الطريفة:
قال رجل: خرجت في بغاء بعير لي فسقطت على امرأة في فناء ظلها لم أر لها شبهًا، فقالت: ما أوطأك رحلنا يا عبد الله؟ قلت: بعير لي أضللته فأنا في التماسه. قالت: أفلا أدلك

[1] أي الجانب.
[2] نظرائي في السن.
[3] زفها أو تزوجها.
[4] يعتلجون يتصارعون ويتقاتلون. صعداء أي تنفسًا طويلًا.
[5] أي فقدتك من الثكل وهو فقدان الحبيب.
[6] الاتفاق.
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست