responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 182
في النحو استطعنا أن نستنتج مدى اجتهاد ثعلب وتوفره على النحو وعلوم اللغة دراسة وحفظًا وتحصيلًا واستيعابًا ولما يشب له قرن بعد، إن ثعلبًا تتلمذ على كثير من الأعلام وسمع من عديد من العلماء مثل محمد بن سلام الجمحي، ومحمد بن زياد بن الأعرابي وعلي بن المغيرة الأثرم، وسلمة بن عاصم، وعبيد الله بن عمر القواريري، والزبير بن بكار -وكلهم صفوة رجال العلم والمعرفة على زمانهم. وإذا كان ثعلب تلميذًا لهؤلاء الأعلام نهل من علمهم وارتوى من فضلهم، فإنه بدوره قد خلف مجموعة من التلاميذ الأعلام الذين كانوا غرة في جبين العلم ورووا عنه وتتلمذوا على يديه من أمثال علي بن سليمان الأخفش، وأبي بكر الأنباري، وأبي عمر الزاهد، وعبد الرحمن بن محمد الزهري وغيرهم[1].
وكانت التقوى والصلاح صفتين بارزتين من صفات ثعلب، ومن أحق بالتقوى والصلاح من العلماء! وربما تمنى في قرارة نفسه أن يكون متبحرًا في علوم الدين مشتغلًا بالقرآن متفرغًا للحديث أكثر من تفرغه لعلوم اللغة، وقد أثر عنه أنه كان يقول لأبي بكر بن مجاهد أحد شيوخ القراء المشهورين: يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟!! [2].
ومن ثم فإن أبا بكر بن محمد التاريخي كان يقول: أحمد بن يحيى ثعلب أصدق أهل العربية لسانًا، وأعظمهم شأنًا، وأبعدهم ذكرًا، وأرفعهم قدرًا، وأوضحهم علمًا، وأرفعهم حلمًا، وأثبتهم حفظًا، وأوفرهم حظًّا في الدين والدنيا[3].
وكثيرًا ما كان ثعلب يترجم عن صلاح حاله وتقواه في أبيات من الشعر الذي كان يتعاطاه بين الحين والحين، فمن عذب إنشاده في هذا المقام قوله4:
إذا أنت لم تلبس لباسًا من التقى ... تقلبت عريانًا وإن كنت كاسيا
وينسب إليه أيضًا هذا الشعر الحكيم5:
إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها ... فكم تلبث النفس التي أنت قوتها

[1] تاريخ بغداد "5/ 204".
[2] وفيات الأعيان "1/ 103".
[3] نزهة الألبا "229".
4 تاريخ بغداد "5/ 306".
5 وفيات الأعيان "1/ 103".
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست