اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 121
للهيثم بن عدي نسبة جمعت ... آباءه فأراحتنا من العدد
اعدد عديا فلو مد البقاء له ... ما عمر الناس لم ينقص ولم يزد
نفسي فداء بني عبد المدان وقد ... تلوه* للوجه واستغلوه بالعمد
حتى أزالوه كرها عن كريمتهم ... وعرفوه بذل أين أصل عدي
يا ابن الخبيثة من أهجو فأفضحه ... إذا هجوت وما تنمى إلى أحد
وهكذا يكون الرجل الفاضل العالم الجليل رمية لكل رامٍ حتى من أولئك الذين لم يسئ إليهم، ذلك أنه لم يسئ إلى العكوك الذي يهجوه استجابة لشاعر صديق له عجز عن أن يهجوه بنفسه. بل إن الرجل يهجى في مقام هجاء الآخرين، فقد أراد دعبل أن يهجو أحمد بن أبي دؤاد، وإذا به يجتاح عديًّا معه في الطريق وذلك في قوله:
سألت أبي وكان أبي عليمًا ... بأخبار الحواضر والبوادي
فقلت له أهيثم من عديٍّ ... فقال كأحمد بن أبي دؤاد
فإن يك هيثم منهم صميمًا ... فأحمد غير شك من إيادِ
متى كانت إياد رءوس قوم ... لقد غضب الإله على العباد1
إن ذلك كله لا ينال من قدر الهيثم الأخباري الراوية العالم المؤرخ الأديب الفكه القصاص السمار، إن الجاحظ على قدره الكبير يجعل منه واحدًا من مصادره الأصيلة في كتابيه البيان والتبيين والحيوان فخطبة الحجاج المشهورة في أهل العراق، ووصية معاوية لولده يزيد التي قالها وكان يزيد غائبًا، وأخبار الوفود التي كانت تفد على الخلفاء حين يبدأون ولايتهم -كل ذلك يرويه الجاحظ عن الهيثم[2] فضلًا عن أخبار أخرى كثيرة مصدر الجاحظ فيها أقوال الهيثم بن عدي.
وكان الهيثم صاحب قصص طريفة أكثرها حول الأعراب الأمر الذي حببه إلى
* تلوه بتشديد اللام طرحوه وأكبوه على وجهه.
1 الفهرست "151". [2] راجع البيان والتبيين حول هذه الموضوعات "2/ 137، 2/ 131، 397" على التوالي.
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 121