اسم الکتاب : مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث المؤلف : السيد رزق الطويل الجزء : 1 صفحة : 42
هذا التراث الزاخر من نتاج عقول المسلمين على امتداد قرون النهضة لم تحل ندرته وارتفاع ثمنه من أن يكون في متناول طلاب العلم؛ لأن أهل الفضل من أعيان القوم لم يضنوا بها على مكتبات المساجد والمدارس ليستفيد منها جمهرة الناس.
فالإمام الحافظ أبو حاتم البستي "354هـ" وضع مؤلفاته الكثيرة في دار خاصة في بلدة "بست" وجعلها وقفًا لأهل العلم[1].
ولا أدل على انتشار المكتبات في العالم الإسلامي على أحسن صورة من قول العلامة ابن خلدون "وطما بحر العمران والحضارة في الدول الإسلامية وفي كل قطر، وعظم الملك ونفقت أسواق العلوم، وانتسخت الكتب، وأجيد كتبها وتجليدها، وملئت بها القصور والخزائن الملوكية بما لا كفاء له"[2].
والمكتبة الإسلامية وسعت الفكر الإنساني كله، وقد ترجم التراث الإنساني في عصر الدولة العباسية، وبخاصة في عصر المأمون الذي أولع بمنطق اليونان وفلسفتهم, فكان يعطي ابن بختيشوع وزن ما يترجم ذهبًا.
ولم تكن المكتبات الإسلامية مجرد حشد من الكتب، وإنما كانت على أبهى نظام وأحسن تنسيق، كما هيئت فيها كل الوسائل لمن يريد الاطلاع من طلبة العلم.
يقول المقريزي: إن دار الحكمة بالقاهرة لم تفتح أبوابها للجماهير إلا بعد أن فرشت وزخرفت، وعلقت على جميع أبوابها وممراتها الستور، وأقيم قوام وخدام وفراشون وغيرهم رسموا بخدمتها[3].
وكان للمكتبة جهاز كامل من العاملين ابتداء من خازن المكتبة، أو المحافظ -وهو رأس المكتبة- إلى المساعدين والموظفين. [1] انظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ جـ3 ص125، وفي طبقات السبكي جـ2 ص141. [2] المقدمة لابن خلدون ص420. [3] الخطط: للمقريزي جـ1 ص408.
اسم الکتاب : مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث المؤلف : السيد رزق الطويل الجزء : 1 صفحة : 42