responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حول الشعر التعليمي المؤلف : صالح آدم بيلو    الجزء : 52  صفحة : 218
ثم يعود الشاعر فيعدد الحيوان ويذكر طبائعه، وأنه في طلب رزقه يقلد بعضه بعضا، وعلى مثالهم في هذا أبناء آدم، إلاّ أنهم مختلفون في الدين، ومتفاوتون في الرأي والقدر، وقد تحكمت فيه واستولت عادة الاتباع والتقليد:
وكل جنس فله قالب ... وعنصر أعراقه تسري
وتصنع السرفة فيهم على ... مثل صنيع الأرض والبذر
والأضعف الأصغر أحرى بأن ... يحتال الأكبر بالفكر
متى يرى عدوه قاهرا ... أحوجه ذاك إلى المكر
كما ترى الذئب إذا لم يطق ... صاح فجاءت رسلاً تجري
وكل شيء فعلى قدره ... يحجم أو يقدم أو يجري
والخلد كالذئب على خبثه ... والفيل كالأعلم كالوبر
والعبد كالحرّ وإن ساءه ... والأبغث الأعثر كالوبر
لكنهم في الدّين أيدي سبا ... تفاوتوا في الرأي والقدر
قد غمر التقليد أحلامهم ... فناصبوا القياس ذا السَّبر
فافهم كلامي واصطبر ساعة ... فإنما النجح مع الصبر
وانظر إلى الدنيا بعين امرئ ... يكره أن يجري ولا يدري1
وحين أنشأ بشار قصيدته المتقدم ذكرها في تفضيل النار وإبليس على الأرض وآدم أنشأ صفوان الأنصاري قصيدته المضادة في تفضيل الأرض وآدم، فقال:
زعمت بانّ النار أكرم عنصراً ... وفي الأرض تحيا بالحجارة الزند
وتخلق في أرحامها وأرومها ... أعاجيب لا تحصى بخط ولا عقد
وفي القعر من لج البحار منافع ... من اللؤلؤ المكنون والعنبر الورد
وفي قلل الأجبال خلف مقطم ... زبرجد أملاك الورى ساعة الحشد
وفي الحرّة الرجلاء تلقي معادن ... لهن مغارات تبجس بالنقد
من الذهب الإبريز والفضة التي ... تروق وتصبي ذا القناعة والزهد
وكلّ فلزّ من نحاس وآنك ... ومن زئبق حي ونوشادر يسدي
وكلّ يواقيت الأنام وحليها ... من الأرض والأحجار فاخرة المجد
وفيها مقام الحل والركن والصفا ... ومستلم الحجاج من جنة الخلد 2

(1) الحيوان ج6/291-297.
(2) البيان والتبيين ج1/91.
اسم الکتاب : حول الشعر التعليمي المؤلف : صالح آدم بيلو    الجزء : 52  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست