2. الدعم المباشر من قبل الخلفاء العباسيين للعلماء وإغداق الهبات عليهم ولا سيما العلماء المهتمين بالسيرة والمغازي واستقطابهم إلى عاصمة الخلافة بغداد، إذ تشير المصادر إلى أن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136- 158 هـ) قد طلب من محمد بن إسحاق أن يصنف لأبنه محمد المهدي كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السّلام إلى يومه هذا [4] ، فضلا عن اتباع المهدي العباسي الشيء نفسه عندما تسلم مقاليد الخلافة (158- 169 هـ) وذلك باصطحابه لأبي معشر السندي (ت 170 هـ) * إلى بغداد ليعلم أولاده بعدما عرف فضله وعلمه وتبحره بأحداث الإسلام وذلك عند التقائه به في موسم الحج [5] ، ولم يقتصر الأمر على هذين الخليفتين بل انتهج هارون الرشيد (170- 193 هـ) منهاج آبائه نفسه في تعرّف أخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله ومغازيه وتقريب العلماء المهتمين بمعرفة ذلك، إذ أشارت المصادر التي ترجمت لمحمد بن عمر الواقدي إلى أنه قد حظي بمكانة بالغة في بلاط الرشيد وإبنه المأمون من بعده الذي جعله قاضيا في بغداد وذلك بعدما عرف الأول فضله وتبحره بأحوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ومغازيه والأماكن التي حصلت فيها حوادث عصر الرسالة عند [4] الخطيب البغداد، تأريخ بغداد، 1/ 221، ياقوت الحموي، معجم الأدباء، 18/ 6.
(*) أبو معشر نجيح المدني السندي، كان مكاتبا لامرأة من بني مخزوم فأدى ما عليه من ثمن عتقه فاعتق وله من الكتب كتاب المغازي، توفي ببغداد سنة سبعين ومئة، ينظر، ابن قتيبة، المعارف، ص 504. [5] ينظر، ابن سعد، الطبقات الكبرى، 5/ 418. إبن خياط، خليفة، (ت 240 هـ) ، تحقيق أكرم العمري، بغداد، 1966، 1/ 274.