أهتم المسلمون منذ عصر الرسالة بهذه الوثائق فقاموا بحفظ نسخ منها، إذ أكدت إحدى الدراسات الحديثة هذا المنحى بالقول: " إن الصحابة والتابعين كانوا ينسخون صورا من خطابات النبي (ص) المرسلة إلى مختلف الجهات ...
لأنه لم يكن ممكنا لأحد أن يجمع مكاتيب الرسول (ص) المرسلة إلى الجهات الأخرى ما لم تكن هناك صور محفوظة منها لدى الصحابة" [12] .
اتفقت هذه النتيجة آنفة الذكر مع ما أوردته المصادر المتقدمة أن بعض الصحابة كانوا يحفظون شيئا من هذه المكاتبات عندهم، إذ أوضح القاسم بن سلام (ت 224 هـ) أنه قد اطلع على الكتاب الذي كتبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم إلى أهل دومة الجندل إذ أتاه به شيخ من أهل تلك المدينة وكان الكتاب مكتوبا في قضيم صحيفة بيضاء فنسخه بتمامه [13] .
وأضاف محمد بن عبد الله الأزرقي (ت 232 هـ) إلى أن أسرته قد احتفظت بالكتاب الذي كتبه الرسول لجدهم الأزرق بن عمر وولده إلى أن ذهب هذا الكتاب في أحد السيول الذي اجتاح مكة سنة (80 هـ) [14] .
وأكد عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت 762 هـ) أن عكرمة مولى عبد الله ابن عباس قد نسخ الكتاب الذي بعثه الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم إلى المنذر بن ساوى أمير البحرين يدعوه فيه إلى الإسلام [15] . [12] الأعظمي، محمد حسن، كتاب النبي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 3، 1981، ص 26. [13] أبو عبيد، الأموال، تصحيح وتحقيق محمد حامد الفقي، مطبعة حجازي، القاهرة، 1353 هـ، ص 195. [14] أخبار مكة وما جاء فيها من الاثار، تحقيق: رشدي صالح، دار الثقافة، مكة المكرمة، ط 2، 1965، 2/ 242. [15] نصب الراية لأحاديث الهداية، المجلس العلمي الهندي، ط 1، 1938، 4/ 420.