للبيهقي فانه شفاء لما في الصدور وهدى ونور" [174] ، ويبدي ابن كثير رأيه بهذا الكتاب فيقول: " وقد جمع الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله كتابا شافيا ...
مقتديا بمن تقدمه في ذلك كما اقتدى به كثير ممن أتى بعده" [175] .
ولأجل ذلك كانت لهذا الكتاب مكإنة طيبة في نفوس العلماء، إذ شرع بعض المتأخرين باختصاره واقتضابه، إذ ذكر حاجي خليفة أن أبا حفص عمر بن علي الأنصاري المعروف بابن الملقن (ت 804 هـ) قد اختصر هذا الكتاب [176] ، وأطلع برو كلمان على مختصر لكتاب (دلائل النبوة) مخطوطا في مكتبة الظاهرية في سوريا، ولكنه مجهول المؤلف يحمل أسم" بغية السائل عما حواه كتاب الدلائل عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته" مكتوبا سنة 755 هـ [177] .
قبل أن نختم عرضنا للمناحي التطورية التي أسهم بها البيهقي في كتابته لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، يجب التنبيه إلى أن هذا الكتاب قد حوى قسما كبيرا من السيرة التي كتبها محمد بن إسحاق ولا سيما في الباب الخاص بدلائل نبوته من مولده إلى وفاته [178] ، إذ اعتمد على رواية يونس بن بكير* لهذه السيرة التي [174] سير أعلام النبلاء، تحقيق محيي الدين العمروي، دار الفكر، بيروت، ط 1، 1997، 15/ 39. [175] الفصول في اختصار سيرة الرسول، ص 101. [176] كشف الظنون، 1/ 760. [177] تاريخ الأدب العربي، 6/ 231. [178] ينظر، دلائل النبوة، 6/ 7- 553.
(*) هو يونس بن بكير بن واصل الشيباني الكوفي الحافظ المؤرخ صاحب المغازي والسير والمكثر بالرواية عن ابن إسحاق وأحد الطرق المعتمدة عن العلماء في معرفة المغازي والسيرة لابن إسحاق حتى وصف لأجل ذلك بأنه أحد أوعية العلم بالمغازي والسير، ينظر، ابن سعد، الطبقات، 6/ 399، الذهبي، سير أعلام النبلاء، 9/ 245، تذكرة الحفاظ، 1/ 326.