اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 84
والحاشر الآخر المصدّق لل ... أوّل فيما تناسخ الكتب
يا صاحب الحوض يوم لا شرب لل ... وارد إلّا ما كان يضطرب
نفسي فدت أعظاما تضمّنها ... قبرك فيه العفاف والحسب «1»
لقد أعطى الكميت مديح النبي الأمين الكثير من حقه في قصيدته هذه، فأشاد بنسبه الطاهر منذ آدم، وحديثه عن هذا النسب أضحى أصلا لحديث شعراء المديح النبوي بعده، وكذلك الأمر في إدراج صفاته وأسمائه صلّى الله عليه وسلّم. ولم يقف في قصيدته هذه عند سرد صفات النبي الفريدة وأخلاقه، بل تطرق إلى شيء من السيرة، وناقش النصارى في نظرتهم إلى نبيهم، وتحدث عن يوم القيامة، وشفاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه، وكل هذه المعاني التقليدية والدينية أضحت من لوازم المدحة النبوية ومفرداتها عند جميع شعراء المديح النبوي في العصور اللاحقة.
إن مدح الكميت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعد إضافة متميزة للمدح النبوي على طريق تطوره منذ بدايته في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحتى العصر المملوكي.
لكن مدح الكميت للنبي الكريم الذي بلغ مبلغا رائعا، لم يتخلص من أسر التوجه الرئيسي للكميت، وهو مدح آل البيت، ولم يصبح لديه مدحا خالصا للنبي في قصائد خاصة.
وقد أثارت بعض معانيه في مدح الرسول الأمين جدلا نقديا، تناول طريقة أداء هذه المعاني، وخاصة حين يتحدث عن اعتراض قوم على مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإضمار الكراهية للكميت نتيجة لذلك.
بدأ الجاحظ هذا الجدل، فقال: «ومن غرائب الحمق، المذهب الذي ذهب إليه الكميت بن زيد في مديح النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول:
(1) الكميت: القصائد الهاشميات ص 51.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 84