اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 410
وديّان يوم الدّين يبرز عرشه ... ويحكم بين الخلق والحقّ أبلج
فطائفة في جنّة الخلد خلّدت ... وطائفة في النّار تصلى فتنضج «1»
هذه المشاهد، والتي هي من مضمون المدحة النبوية، أطلقت لشعراء المدائح النبوية الخيال، فاتسعوا في فنون التشبيه والاستعارة، واستحضروا مشاهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومواقعه، وبعثوا الحياة فيها، مثل قول الشهاب محمود في مدحة نبوية:
وكأنّي بين هاتيك الرّبا ... أنظر الأملاك والصّحب الكراما
وأرى في المسجد الهادي ومن ... خلفه أصحابه الغرّ قياما «2»
فالشاعر عندما وصل إلى المعاهد النبوية المشرّفة، حلّق بخياله إلى الزمن الذي كانت تشهد فيه حركة الصحابة الكرام والملائكة الأبرار، وكان فيه مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عامرا بنوره، يحيط به أصحابه.
وأفاض شعراء المديح النبوي في التشبيه والتخيل في قصائدهم، يوضحون من خلاله معانيهم، ويزيدونها عمقا وتأثيرا، ومنهم البوصيري الذي بدا مغرما بالتشبيه والتمثيل في مدائحه النبوية، ومن ذلك قوله:
واقطع حبال الأماني التي اتّصلت ... فإنّما حبلها بالزّور موصول
فإنّ أرواحنا مثل النّجوم لها ... من المنيّة تسيير وترحيل
فلو ترى كلّ عضو من كماتهم ... مفصّلا وهو مكفوف ومشكول
كأحرف أشكلت خطا فأكثرها ... بالطّعن والضّرب منقوط ومشكول
(1) ديوان البرعي ص 211.
(2) الشهاب محمود: أهنى المنائح ص 28.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 410