اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 401
وزلزلت من غرامي كل جارحة ... وكلّ بيّنة تحكي لكم علقي
يا عالي القدر رفقا مسّني ضرر ... فالله قد خلق الإنسان من علق «1»
ولم تسلم لهؤلاء الشعراء صحة استخدام أسماء السور القرآنية في المديح النبوي دائما، وخاصة عند ما تستخدم للدلالة على نوع بديعي والتمثيل له، لذلك عقّب صاحب كتاب (إقامة الحجة على ابن حجة) على بيته التالي، بقوله:
إبداع أخلاقه إيداع خالقه ... في زخرف الشعرا فاسمع بها وهم
«معنى هذا البيت مختل اختلالا ظاهرا، لأنه أراد بقوله (زخرف الشعرا) السورتين الكريمتين، فليس لإضافة الزخرف إلى الشعراء معنى بوجه من الوجوه، ولا مجاورة بينهما في الترتيب التوفيقي» [2] .
لقد أخطأ هؤلاء الشعراء طريقهم في الإفادة من ألفاظ القرآن الكريم، فأقصى ما يمكن أن يتحلّى به منطق بشر هو الاقتباس من القرآن الكريم، والإفادة من ألفاظه المشرقة، ولكن هؤلاء الشعراء تجاوزوا هذه النعمة إلى أسماء السور طلبا للطرافة والإدهاش، بيد أن بعض شعراء المدح النبوي، أفادوا من التعبير القرآني، فرصعوا به مدائحهم النبوية، مثل قول الصرصري في مقدمة مدحة نبوية، مسبحا الله تعالى وذاكرا آلاءه:
وبأمره البحران يلتقيان لا ... يبغى على عذب مرور أجاج
والفلك سخّرها لمنفعة الورى ... فجرين فوق المزبد العجّاج
والله أحيا الأرض بعد مماتها ... بجدوبها بالوابل الثّجاج «3»
(1) المقري: نفح الطيب 7/ 328. [2] الحضرمي: إقامة الحجة ص 54.
(3) ديوان الصرصري: ورقة 22.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 401