اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 302
أما المعاني المقتبسة من السيرة النبوية، فكثيرة جدا، لم يترك شعراء المدائح النبوية معنى من معانيها دون أن يذكروه في قصائدهم، وخاصة أن كتّاب السيرة النبوية، والخصائص والدلائل، بذلوا جهودا كبيرة في تسجيل كل صغيرة وكبيرة عن حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكل ما يتعلق بها من أحداث ومواقف ومعجزات، وكل ما نطق به أو فعله.
وقد مرّت معنا أمثلة كثيرة على ذلك حين تحدثنا عن مضمون المدحة النبوية.
وربما أفاد الشعراء من معاني مصطلحات العلوم، فعبروا بها عن مواضيع المديح النبوي، مثل قول ابن نباتة:
كأنّ الحبّ دائرة بقلبي ... فحيث الانتهاء الابتداء
لنا سند من الرّجوى لديه ... غداة غد يعنعنه الوفاء «1»
إلا أن استقاء شاعر المديح النبوي للمعاني من سابقيه، لا يعني أن الأمر مسلم به كليا، فمن الصعوبة بمكان أن نحكم على أخذ اللاحق من السابق، فربما كان الأمر من قبيل توارد الخواطر، ووقع الحافر على الحافر- كما يقولون-، وقد شعر ابن حجة بصعوبة الجزم في التسليم لشاعر بأنه مبتدع أحد المعاني، فقال: «كان عنّ لي أن أورد هنا من سلامة الاختراع للمتقدمين والمتأخرين جملة مستكثرة، ولم يصدني عن ذلك إلا الخيفة ممّن تبحّر عليّ في المطالعة، فيورد ما أثبت من المعنى المخترع لزيد أنه مسبوق إليه من عمرو» [2] .
ولم تكن كل المعاني التي جاء بها الشعراء في المديح النبوي، معاني تقليدية أو قديمة أو أنها غير مبدعة، بل إن شعراء المديح النبوي أبدعوا في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووصفه ومناجاته، والتعبير عن حبهم له، معاني كثيرة، ولكن يصعب أن تظهر لنا هذه المعاني
(1) ديوان ابن نباتة: ص 6. [2] ابن حجة: خزانة الأدب ص 406.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 302